كتبها Administrator
|
الجمعة, 12 أبريل 2019 21:06 |
أنا وعوالمى
كان أول عالم تفتحت عيناى عليه محصورا بحدود الحارة التى نشأت فيها بمنازلها العتيقة ، ذات الأبواب الخشبية ، والشبابيك الضيقة . أما أهلها فكانوا غاية فى الطيبة يعاملون أطفال الجيران كأنهم أطفالهم تماما وبالنسبة للأصدقاء ،الأقرب إلى قلبى ، كنا نلعب معا طوال اليوم، ونتشاجر أحيانا ، ثم نعود لنتصافى من جديد .. ــــــــــــ ومع انتقال أسرتى إلى شارع أكبر بحىّ آخر اتسع عالمى باتساع الشارع ، الذى كان يسكنه جيران متحفظون وبعضهم يمتلك سيارات ولم يكن حديثهم معنا يزيد عن رد التحية أما محلات الشارع فكانت مضاءة طوال النهار بالنيون بدءا من السوبر ماركت ، إلى الملابس ، والأحذية ، ولعب الأطفال .. ـــــــــــــــــ وحين التحقت بالجامعة اتسع عالمى ، وتنوعت آفاقه سواء من الزمالة مع أصدقاء من مختلف ربوع مصر وكثيرا ما كنت أزورهم فى مدنهم وقراهم ، أو نذهب معا فى رحلات جامعية بدءا من أهرامات الجيزة ، حتى معالم الأقصر وأسوان .. ــــــــــــ ثم مع مرور الزمن ، أتاحت لى الظروف السعيدة أن أسافر خارج الوطن وأن أقيم طويلا ، او بمرور عابر ، على كل من : فرنسا ، وإيطاليا ، وماليزيا ، وباكستان , وتركيا ، والصين ، بالإضافة إلى معظم البلاد العربية .. وفى كل منها : شاهدت عوالم مختلفة ، وقابلت أنماطا عديدة من البشر ، وخرجت بتجارب لا حصر لها .. ــــــــــــ وبعد أن تقدم العمر وصار السفر بالنسبة لى " قطعة من العذاب " ، أصبحت أفضل الجلوس فى شرفتى أتابع حركة السيارات ، وتقاطع المارة وأستعيد بعض ذكرياتى عن عوالمى السابقة وكيف بدأت من الحارة ، فالشارع ، فمعالم مصر وقراها ، حتى اتسعت لتشمل بعض عواصم العالم المعاصر .. .. .. وقد أتوقف أحينا لأتساءل : ماذا أفدته من الرحلة فى تلك العوالم الكثيرة ؟ أولا : أن ما رأيته من العالم ، رغم كثرته وتنوعه ، لا يمثّل إلا جزءا ضئيلا مما لم أره وبالتالى لا يمكن أن أدّعى أن أحكامى تكون عامة وقطعية ، بل إنها تظل محدودة ، ونسبية . ثانيا : أننى أصبحت أكثر تسامحا مع المختلفين عنى لأننى رأيتهم يعيشون حياتهم تبعا لأسلوبهم ، وقوانينهم ، وعاداتهم .. وأعترف بأننى ماقابلت أحدا منهم حاول أن أن يفرض علىّ شيئا منها . وأخيرا : فإن الناس الذين رأيتهم ، وتعاملت معهم فى كل بلد زرته لا يكادون يختلفون عن غيرهم فى البلاد الأخرى .. صحيح أن بعضهم يتميز ببعض السمات الخاصة ، إلا أننى كنت عندما أحدق فى عيونهم ، أجد أنهم جميعا متشابهون !
|