أسطورة العصا والجزرة |
كتبها Administrator |
الجمعة, 31 يناير 2020 17:18 |
9- أسطورة العصا والجزرة
إذا كان لديك حمار وأردت أن تروّضه فلابد أن تستعمل معه طريقة العصا والجزرة .. ---- أما العصا ، فلكى تجبره على التحرك فى هذه الاتجاه ، أو الاتجاه الآخر وأما الجزرة فتعلقها فى رقبته بحيث تتدلى أمام فمه وكلما حاول الاقتراب منها ابتعدت عنه وعندئذ يستمر فى المشى للأمام راغبًا فى قضم الجزرة ، التى لا تقضم أبدا ..
وبهذه الطريقة .. يمكنك أن تجعل الحمار يتحرك إما خشية من الضرب بالعصا أو رغبة فيما يشتهى وهكذا ، يظل دائما بين حاليْن : الخوف والرجاء ومن ورائهما : القلق وعدم الاطمئنان ---- ويقال : إن كثيرًا من السلاطين قد استخدموا هذه الطريقة مع رعاياهم وأنها نجحت فى معظم الأحوال أما الحالات القليلة التى لم تنجح فقد كان يقف وراءها أمران : عدم الخوف من عقاب السلطان ، والزهد فيما لديه من ذهب ومناصب !
وذات يوم من عهد سحيق نظر السلطان باهيد شاه فى عيون حاشيته ثم طرح عليهم السؤال التالى : - كيف تروننى كحاكم .. ؟ تبادل الجميع الصمت والدهشة معا لكن واحدًا كان يجلس فى آخر الديوان تجرأ ، وقال : - هل تأذنون لى يا مولاى ؟ ابتسم السلطان ، وقال له : - أجل .. تحدث بكل صراحة قال الرجل : - إنكم يا مولاى حاكم عادل إلا عندما يشغلكم مجلس الشراب عن النظر فى مشاكل الرعيه .. اطرق السلطان قليلا ، ثم قال له : - إننا نحترم صراحتك وسنكافئك عليها بمائه كيس من الذهب شهق جميع من فى المجلس ، وبلغ بهم الحسد من صاحبهم مداه وتمنوا جميعا لو أنهم قالوا مثله لكى يحصلوا على نفس مكافأته .. لكنهم بعد يومين يومين اثنين فقط وجدوا جثته ملقاة فى حفرة ! ---- وحين أشرف السلطان زنهارشاه على الموت استدعى أهل بيته ، والمقربين من حاشيته وقال لهم بصوت متقطع : - إياكم والنزاع فيما بينكم لأن بنيان هذه الدولة ، الذى أقمنه حجرا حجرا ثابت وقوى لكنه إنما يتداعى ويسقط باختلافاتكم فاحرصوا على التساند ، وإياكم والفرقة نظر بعضهم إلى بعض وترقرقت الدموع فى عيون النساء وساد صمت رهيب ، وثقيل لم يقطعه سوى صوت فتى صغير كان يمسك برداء أمه سأل السلطان : - وماذا نفعل يامولاى إذا ثارت علينا الرعية ؟ نظر إليه السلطان بمودة ، وقال - لديكم أبواب القصر الخلفية وهناك تجدون الخيل جاهزة لحملكم مع خزائنكم .. إلى بلاد أخرى لكن احرصوا على أن تكونوا فيها أيضا .. سلاطين ---- وقيل إن السلطان المعروف تايكاندشاه سأل ذات يوم ابنه : - كيف ستحكم الرعيه من بعدى ؟ - برأيى أولاً ، يامولاى فإن لم يطيعوا أعملت فيهم السيف أطرق السلطان برهة ، ثم قال له : - هذه طريقة قديمه ، وعاقبتها وخيمهْ لأنها قد تؤدى إلى ثورة الجند عليك - وماذا ترون جلالتكم يا أبتاه ؟ - تحرض بعض الرعيه على بعض ثم تجلس أنت على عرشك هادئا وحين يقع بعضهم قتلى تشارك فى تشييع جنازاتهم وترسل لأهاليهم باقات الزهور ! ---- ومنذ أيام مررت بصاحب حمار وهو بطعم حماره الكثير من الجزر سألته : - كيف تعطيه هذه الكمية الكبيرة ؟ ألا تخشى أن يشبع ، فلا يطيع أوامرك ؟ وكان الرجل حكيما ، فأجاب - كلا .. فأنا أدفعه للتعوّد على أكل الجزر حتى إذا جاع .. تطلعت نفسه إليه وحينئذ أضع جزرة واحدة فى رقبته لكى أحركه بها كما أشاء قلت له : - إذن هذا مجرد تدريب ؟ - طبعا ، ومن قال لك : إننى قادر على توفير هذه الكمية من الجزر له .. كل يوم ؟!
****
9- أسطورة العصا والجزرة
إذا كان لديك حمار وأردت أن تروّضه فلابد أن تستعمل معه طريقة العصا والجزرة .. ---- أما العصا ، فلكى تجبره على التحرك فى هذه الاتجاه ، أو الاتجاه الآخر وأما الجزرة فتعلقها فى رقبته بحيث تتدلى أمام فمه وكلما حاول الاقتراب منها ابتعدت عنه وعندئذ يستمر فى المشى للأمام راغبًا فى قضم الجزرة ، التى لا تقضم أبدا ..
وبهذه الطريقة .. يمكنك أن تجعل الحمار يتحرك إما خشية من الضرب بالعصا أو رغبة فيما يشتهى وهكذا ، يظل دائما بين حاليْن : الخوف والرجاء ومن ورائهما : القلق وعدم الاطمئنان ---- ويقال : إن كثيرًا من السلاطين قد استخدموا هذه الطريقة مع رعاياهم وأنها نجحت فى معظم الأحوال أما الحالات القليلة التى لم تنجح فقد كان يقف وراءها أمران : عدم الخوف من عقاب السلطان ، والزهد فيما لديه من ذهب ومناصب !
وذات يوم من عهد سحيق نظر السلطان باهيد شاه فى عيون حاشيته ثم طرح عليهم السؤال التالى : - كيف تروننى كحاكم .. ؟ تبادل الجميع الصمت والدهشة معا لكن واحدًا كان يجلس فى آخر الديوان تجرأ ، وقال : - هل تأذنون لى يا مولاى ؟ ابتسم السلطان ، وقال له : - أجل .. تحدث بكل صراحة قال الرجل : - إنكم يا مولاى حاكم عادل إلا عندما يشغلكم مجلس الشراب عن النظر فى مشاكل الرعيه .. اطرق السلطان قليلا ، ثم قال له : - إننا نحترم صراحتك وسنكافئك عليها بمائه كيس من الذهب شهق جميع من فى المجلس ، وبلغ بهم الحسد من صاحبهم مداه وتمنوا جميعا لو أنهم قالوا مثله لكى يحصلوا على نفس مكافأته .. لكنهم بعد يومين يومين اثنين فقط وجدوا جثته ملقاة فى حفرة ! ---- وحين أشرف السلطان زنهارشاه على الموت استدعى أهل بيته ، والمقربين من حاشيته وقال لهم بصوت متقطع : - إياكم والنزاع فيما بينكم لأن بنيان هذه الدولة ، الذى أقمنه حجرا حجرا ثابت وقوى لكنه إنما يتداعى ويسقط باختلافاتكم فاحرصوا على التساند ، وإياكم والفرقة نظر بعضهم إلى بعض وترقرقت الدموع فى عيون النساء وساد صمت رهيب ، وثقيل لم يقطعه سوى صوت فتى صغير كان يمسك برداء أمه سأل السلطان : - وماذا نفعل يامولاى إذا ثارت علينا الرعية ؟ نظر إليه السلطان بمودة ، وقال - لديكم أبواب القصر الخلفية وهناك تجدون الخيل جاهزة لحملكم مع خزائنكم .. إلى بلاد أخرى لكن احرصوا على أن تكونوا فيها أيضا .. سلاطين ---- وقيل إن السلطان المعروف تايكاندشاه سأل ذات يوم ابنه : - كيف ستحكم الرعيه من بعدى ؟ - برأيى أولاً ، يامولاى فإن لم يطيعوا أعملت فيهم السيف أطرق السلطان برهة ، ثم قال له : - هذه طريقة قديمه ، وعاقبتها وخيمهْ لأنها قد تؤدى إلى ثورة الجند عليك - وماذا ترون جلالتكم يا أبتاه ؟ - تحرض بعض الرعيه على بعض ثم تجلس أنت على عرشك هادئا وحين يقع بعضهم قتلى تشارك فى تشييع جنازاتهم وترسل لأهاليهم باقات الزهور ! ---- ومنذ أيام مررت بصاحب حمار وهو بطعم حماره الكثير من الجزر سألته : - كيف تعطيه هذه الكمية الكبيرة ؟ ألا تخشى أن يشبع ، فلا يطيع أوامرك ؟ وكان الرجل حكيما ، فأجاب - كلا .. فأنا أدفعه للتعوّد على أكل الجزر حتى إذا جاع .. تطلعت نفسه إليه وحينئذ أضع جزرة واحدة فى رقبته لكى أحركه بها كما أشاء قلت له : - إذن هذا مجرد تدريب ؟ - طبعا ، ومن قال لك : إننى قادر على توفير هذه الكمية من الجزر له .. كل يوم ؟!
****
|