عازف منتصف الليل |
كتبها Administrator |
الجمعة, 19 يوليو 2019 16:27 |
عازف منتصف الليل
كنتُ لا أعرف من أين يجئْ كل ليلٍ .. مرهق الخطو .. شريدًا ثم يُلقي جسمه المنهوك تحت النافذهْ ويُغنِّي .. * * صوته الخارجُ من أعماق صدرهْ خشن النبرة .. مشروخًا، ونافر طالما أرّقني .. * * أبدًا .. لم أتبيَّنْ كلمةً واحدةً من كلماتهْ كان كالساقية العطشى على حقل جديبْ تتعالى حشرجاتُهْ ثم تعوي .. وتئنّ ! * * كنتُ أدعوهُ: عدوّي عندما ينتصف الليلُ .. ويطويني صداعٌ، ثابتُ الخطو، مُلحّ ! وأرى أن شفائي .. لحظةٌ من هدأة الليل فَقَطّ !! كان هذا الضفدعُ الزاعق يؤذيني كثيرًا صيَّر الكونَ حواليَّ صراخًا، وعواءً، وزفيرا .. * * ذات ليلٍ من ليالي الأَرَقِ جال في الخاطر أن أقْتُلَهْ .. وتخيرتُ سلاحي .. «فازةُ الوردِ على طَرْف الجدَرْ ..» ويعود النومُ للجفن المعذَّبْ ! سرتُ في صمتٍ .. فتحتُ النافذهْ وتفحصتُ الطريقْ كانت الليلةُ ريحًا، ونجومًا خافتهْ وعدوّي قابع في معطف بالٍ يغنِّي .. ويصدّ البرد عنه بزجاجهْ ! * * قبل أن أبتدئ الضربة .. ألقيتُ عليه نظرتي راعش الأضلع .. مدفوعًا بأحقاد الليالي الماضيهْ كنتُ أهذي، وأزمزم : «هذه آخرُ مرّهْ تتلاقى أيها المسخ البذيءْ .. أنت في أرضك تحتي وأنا الآن .. على قمة سخطي !» * * قبل أن أبتدئ الضربة، لاحظتُ بعينيه دموعًا لم أكن أعرفُ، هل يبكي، أم الخمرةُ في جفنيه تلمعْ ! وتأملتُ محيَّاهْ .. للحظهْ كانت الجبهةْ ملأى بالأخاديد العميقهْ وعلى لحيته البيضاء حبَّات النبيذ القانيهْ رَفَع الوجهَ تُجَاهي، ورنا . . لم يُفاجَأْ !! إنما لوّح كي نشدو معًا كان في عينيه آلافُ النجوم اللامعهْ وعلى الجبهة شمسٌ وقمرْ ! وبدأ الصوتُ الذي يشدو بِه .. قطعةً من هِزّة الأرض، وإيقاع المطرْ ! * * وتراجعتُ إلى الخلف قليلًا كان قلبي يتلاشى نبضُهُ الهادرُ في معزوفتهْ ـــــــــــــــــــــــــ |