|
مشكلة زائفة لدى المتكلمين
للدكتور حامد طاهر
ـــــــــــــــ
.. واستمرارا لبيان المشكلات الزائفة فى مجال علم الكلام لدى المسلمين ،سوف أعرض اليوم لمسألة أثارت الجدل بين المتكلمين ، وتنازعت بسببهاالفرق الكلامية، وشغلت مساحة لا بأس بها فى أدبيات علم الكلام ، وما زالت تدرّس لطلابه حتى الآن ، وهى مسألة : زيادة الإيمان ونقصه .
وإذا كان (الإيمان) هو الركيزة الأساسية التى تنبنى عليها عبادة الله الواحد الأحد ، وهو الذى يفترق الناس جميعا على أساسها إلى فريقين : فريق مؤمن وفريق كافر . وهما اللذان يؤولان إلى فريق فى الجنة وفريق فى السعير ، فإن القرآن الكريم قد اهتم اهتماما كبيرا بهذا الإيمان ، بدءا من هداية الله لأصحابه تبعا لمشيئته ، ومركّزا على تثبيت دعائم هذا الإيمان فى قلب المؤمن من خلال الدلائل المؤكدة لقدرة الله على الخلق والإحياء والإماتة ، وما يتلوها من البعث والحساب والجزاء . ومن الجدير بالتأمل أن معظم آيات القرآن الكريم التى ذكرت (المؤمنين) : ألحقت بهم مباشرة (وعملوا الصالحات) ، وفى هذا إشارة واضحة إلى أن الإيمان المركوز فى القلب لا بد أن تدعمه أعمال الخير والإصلاح .
وقد ارشدتنا السنه النبويه الي التفرقه الدقيقه بين ثلاثة مفاهيم متقاربه ، وقد تكون متداخله احيانا ،وهي : الإسلام والإيمان والإحسان في الحديث المجيب علي أسئلة جبريل عليه السلام ، بقوله ، صلي الله عليه وسلم: الإسلام هو شهاده أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاه ، وإيتاء الزكاه ، وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع اليه سبيلا . و الإيمان أن تؤمن بالله و ملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر ، وبالقدر خيره وشره . والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك .
أما بالنسبه إلي ما ورد في القرآن الكريم صريحا و بغاية الوضوح فيما يتعلق بزيادة الإيمان و نقصه فيتجلي من الآيات التاليه التي تؤكد كلها أن (الإيمان يزيد ..) وهذا معناه أنه 0قد ينقص ، أو حتى يتلاشى ــ والعياذ بالله ) .
1ــ (هو الذى أنزل السكينة فى قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا) [الفتح ،آية4]
2ــ (ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا) [المدثر آية31]
3ــ (وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما) [الأحزاب ،آية22]
4ــ (فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون) [التوبة ،آية 124]
5ــ (إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا) [آل عمران ،آية173]
6ــ (وإذا تليتم عليهم آياته زادتهم إيمانا) [الأنفال ، آية2]
ومن العجيب أن هذه الآيات الواضحة الدلالة كانت بمنأى عن مناقشات المتكلمين الذين اندفعوا بجدلهم العقيم حول (زيادة الإيمان ونقصه) .ومن الواضح أنهم لو كانوا قد رجعوا إليها وتدبروا معناها لما أثاروا تلك المشكلة من الأساس ، والتى أعتبرها من المشكلات الزائفة ، وهى التى تقرر مناهج البحث بروزها فى فترات الضعف الفكرى أو الضغط السياسي الذى يمنع العلماء من مناقشة القضايا الحقيقية التى تهم المجتمع وتحقق له التنمية وتدفعه إلى التقدم ، ولذلك يلجأ أمثال هؤلاء (العلماء)إلى مناقشة أمور لا تنبع من الواقع ، ولا تهدف إلى إصلاحه . والله ولى التوفيق .
ــــــــــــــــــــــــــ
 |
