|
هناك نوع من الحب
قصيدة نثر
للدكتور حامد طاهر
ــــــــــــــ
هناك نوع من الحب
لا يفاجئ القلب كالزلزال
ولا يصعقه مثل البرق
وإنما يتسلل فى هدوء وصمت
ويظل يسرى فى العروق
مثل النهر الذى ينساب تحت الأرض
وتظل حباته تلتقى ، وتتجمع
حتى تكوّن تيارا متدفقا من الماء
لا يلبث أن يندفع بكل قوة
فيهز جدران القلب
ويصرخ فى جنبات الصدر
ويجبر صاحبه على الاعتراف ..
ـــــــــــــــ
أى نوع هذا من الحب؟
الذى يغيّر طعم الماء فى الفم
فيغدو مثل عصير التوت البرى
ويحوّل فى الأفق مشاهد الأبيض والأسود
لتصبح مزدانة بألوان قوس قزح
ويمهّد طريق الجبل الصاعد بين الصخور
ليصبح دربا ممتدا بدون عوائق
إنه الحب الذى يطوى صفحة
من حياة اليأس ،
ليفتح صفحة أخرى من كتاب الأمل
ويجعل لمسة اليد التى كانت عادية
بمثابة شحنة من الكهرباء
التى يرتعش لها كيان الإنسان كله
وهو الذى يملأ العينين
ببريق ساحر خلاّب
يتساءل من يراه :
ــ أين كان هذا بالأمس ؟
وكيف لم ألحظ تأثيره وقواه؟
ــــــــــــــ
مرة واحدة
وبعد العديد من السنوات
حين كنت أجلس بجوارك
على ذلك المقعد الرخامىّ فى وسط الحديقة
وكنت كالعادة تتحدثين بكل عفويتك
نظرت إلى خصلة شعرك
المنسدلة على كتفك
ونسيم ما بعد العصر يهزها بانتظام
وشمس المغرب تصبغها بلون الذهب
وكدت أمد يدى لأعبث بها
لكننى اندمجت فى وقع صوتك
الذى كان ينساب من شفتيك الورديتين
مثل موسيقى قادمة من السماء
ولا علاقة لها بالآلات الموسيقية
المعهودة على الأرض
كيف رحت أصغى لهذا الصوت ؟
ولماذا لم أستطع مقاومته ؟
وحين سألتنى عن الموضوع
الذى كنا نتحدث حوله :
ــ ما رأيك ؟
وجدتنى أقول لك بدون وعى :
ــ أحبك !
ـــــــــــــــــــــــــــ
 |
