عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
ديوان النباحى صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الاثنين, 10 نوفمبر 2014 12:02

 

 

ديوان النباحى

دراسة وتحقيق

( لديوان متخيل من الشعر العربى القديم )

[ . . وأنا قد أستطيع أن أبكيك ببيت واحد من الشعر ،

ولكننى لا أقدر أن أضحكك بألف قصيدة ! ]

من رسالة النباحى إلى

صديقه ابن البكاء العبسى ..

 

 

 

الفهرس



أولا : الدراسة

التعريف بالشاعر

تاريخ وفاته

ظروف وفاته

انتشار ديوانه

شيوخه وثقافته

تلاميذه

مع شعراء عصره

رسائله النثرية

عصره : الحالة السياسية

الحالة الثقافية والفنية

خصائص شعره

تحقيق النص – وصف النسخ المخطوطة

نسخة إفريقيا

نسخة آسيا

نسخة أمريكا

عملنا فى التحقيق



ثانيا : النص المحقق



قال ردا على هجاء أبى بكر الصرماح

قال حين عاتبته زوجته على قلة ماله

قال يمدح رمح الدولة الشمخانى

قال يشكر صديقا على هدية

قال فى عصفور

قال فى رثاء مصطفى بن الأشهل النجاتى

قال مفتخرا

قال يصف زواجه الأول

وقال فى حريق

قال يبكى الأطلال

قال فى موسم الحج

قال بعد معركة خاسرة

قال ملغزا

قال معارضا أبا نواس

قال متحديا من بحر المنسرح

قال فى قاضى مدينة نباح

قال فى طبيب مدينة نباح

قال فى مجذوب

قال محاورا المتنبى

قال فى انهيار مدرسة نباح

قال فى وزير أعفاه السلطان

قال عن جرير والفرزدق

قال قبل وفاته بأيام

قال محاورا أبا العلاء المعرى

قال فى رثاء حماره

قال فى مطرب ردىء

قال لا مباليا

وقال فى فقهاء عصره

وقال فى الصداع

وقال فى شعراء عصره

وقال فى طائفة لم يحددها

وقال فى أحد المماليك

وقال متفلسفا

 

 

أولا : الدراسة


التعريف بالشاعر : اسمه ، ولقبه ، وكنيته :



هو أبو مرزوق عبد الله بن ابراهيم بن مكين بن حنظلة النباحى ، وينتهى نسبه إلى آدم عليه السلام .

ولقب "النباحى" نسبة إلى مدينة نباح ( بضم النون ) الواقعة على مقربة من مصب نهر سيحون فى اتجاه المنبع .

أما كنيته "أبو الليل" فقد عرف بها نظرا لكثرة عشقه لليل ، وسهره فيه ، وقضاء معظم الوقت متأملا نجومه ، ومتجولا فى خرائبه ومغانيه .



تاريخ وفاته :



اختلف المؤرخون اختلافا كبيرا فى تاريخ وفاته ، تماما كما اختلفوا فى تاريخ مولده .

فصاحب ( طبقات الفحول والحلاليف ) يورد خبرا عن لقاء جرى بين النباحى وأبى عباس الماوى ، فى شهر جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وأربعمائة (1) ، وهذا يدل على أن وفاة النباحى لابد أن تكون تاليه لهذا التاريخ .

لكـــن صـــاحب ( العقود والأقـراط ) يــؤكد أن وفاتــه إنمـا تقــع بيــن سنتــى 666ه و 999ه (2) وهى فترة طويلة جدا كما هو واضح .



وقد رجعنا لمعظم كتب التراجم والسير التى تغطى هذه الفترة – وهى بالمناسبة غير كاملة ، كما أنها غير دقيقة على الإطلاق – فلم نعثر للنباحى على أى ذكر ، اللهم إلا إشارة خاطفة ، وردت فى كتاب مجهول المؤلف ، وغير محدد العنوان ، تقول أنه فى سنة ثمانمائة وثمان وثمانين قد حدثت مجاعة فى بعض القرى المحيطة بنهر سيحون من ناحية الشرق ، وإنه قد ( نفق فى هذه المجاعة عدد كبير من الحمير ، ومات بها خلق كثير من البشر ، ومنهم النواحى ( كذا ) .. )



ولمــا كانت كلمتا "نباحى" و "نواحى" قريبتين ، فقد ظن المستشرق النمساوى ه . براخت Brakht أنهما كلمة واحدة ، ومن ثم فقد رجح أن تكون تلك السنة تاريخا لوفاة النباحى (3) .



لكن هذه سقطة من ( أوهام المستشرقين ) . وقد حققنا – بالاعتماد على "معجم الشخصيات المجهولة " (4) المطبوع فى حيدر آباد الدكن سنة 1803 م كلمة "نواحى" وتبين لنا أنها علم على شخص آخر ( كان كثير البكاء على ما ضاع منه ) ، وهذا يؤكد صلتها الحميمة بالنواح والعويل وليس بمدينة نباح التى ينتسب إليها أبو مرزوق .



والنتيجة أننا نميل إلى أن شاعرنا توفى سنة خمس وخمسين وخمسمائة .. وهكذا نكون أول من قطع الشك باليقبن .



ظروف وفاته :



يروى أبو بكر الحانوتى فى ( وفيات الأموات ) ، أنه فى إحدى ليالى الشتاء الباردة اجتاح الصقيع مدينة نباح ، وملأ الشوارع والأزقة ، حتى يقال إنه عاق الناس عن فتح أبواب منازلهم أو إغلاقها ، وعطلهم عن الخروج إلى أرزاقهم ، أو الرجوع منها .. وفى صبيحة تلك الليلة ، عثر العسس على جثة النباحى متجمدة من شدة البرد ، وقد ملأ الثلج أنفه وأذنيه ، وعندما حملوه إلى داره ، وجدوا بالقرب من سريره أوراقا ملفوفة بعناية فائقة فى قصبة من الخشب ، وعليها كتبت عبارة "ديوان النباحى " (5)



انتشار الديوان :



ويحدثنا منصور الجواهرجى عن تلك القصبة قائلا : " وقد نقل أصحابه تلك القصبة إلى متولى خزانة الكتب المفقودة ، الشيخ عبد المانع المغلق ، فحفظها برسم الوقف ، ويروى أنه منع الناس من الاطلاع عليها خوف الفتنة ، إلى أن توفى فسمح ابنه الذى تولى مكان أبيه ، وكان شابا ظريفا مطلعا على علوم الأوائل ، وأجاز أن يقرأها الناس ، وطلبة الأدب ، فأعجب بها التلامذة ، وأقبل على سماعها خلق كثير ، ضاق بهم مسجد السوق ، فانتقلوا إلى ظاهر المدينة ، وأقاموا الليالى يقرأون أشعار النباحى .. واستمر الوضع على تلك الحال ، إلى أن قيض الله تعالى بعض ذوى اليسار فاستنسخوها ، وقاموا بتوزيعها على الغرباء ، وضيوف مدينة نباح ، فانتشرت ، وأصبحت لها شهرة واسعة (6) .



شيوخه وثقافته :



يذكر المؤرخون – فى شبه إجماع غريب – أن النباحى لم يترك الاستفادة من شيوخ عصره على اختلاف طبقاتهم وعلومهم . فقد درس كل الفنون اليدوية ، والعلوم اللغوية والبلاغية ، وقرأ الأدب على مشيخة مدينة نباح ، وكانوا يتميزون بالجمع بين رواية الأشعار ومتابعة الأخبار ، والسهر فى المجالس حتى طلوع النهار .



ومما يروى عنه أنه خالط جميع الطبقات الاجتماعية ، واهتم كثيرا بملازمة أهل الحرف ، كالسماكين ، والحمالين ، والحدادين ، وصانعى الحصر والسلال (7) .



أما دكاكين الواراقين فكانت مكانه المفضل ، يسهر فيها حتى الفجر ، يقول أبو بكر النساخ : " شاهدته بعينى هاتين يشترى من السوق الشمعة والشمعتين ، ثم يذهب إلى أحد الوراقين ، ويستأذنه فى تنفيض الرفوف ، وترتيب الأوراق ، وقبل أن يأذن له الرجل يشرع النباحى فى التهام ما فى الدكان من علم وأدب ، حتى كانوا يطلقون عليه تندرا (فأر الحروف) ، ويقال إنه حفظ فى ليلة واحدة معلقة عمرو بن كلثوم التى مطلعها :



ألا هبى بصحنك فاصبحينا .................



واستظهر فى ثلاث ليــال متوالية " حماسة أبى تمام " وكاد يكمل " لزوم ما لا يلزم " لأبى العلاء المعرى ، لولا ضياع الجلد الأخير من الكتاب (8) .



وعلى ذكر لولا ، فإننا لا نذيع سرا إذا قلنا : إنه لولا خشيتنا من الإطالة والإملال لأوردنا ثبتا بمئات الأسماء التى تتلمذ عليها النباحى ، ولكننا نحيل القارئ المتلهف إلى "معجم البلدان النائية" حيث يخصص المؤلف المجلد التاسع عشر لأسماء هؤلاء الأساتذة ، ومؤلفاتهم ، والموضوعات التى لم يجرؤوا على تناولها ، والمشكلات التى لم يتعرضوا لحلها .



تلاميذه :



من العجيب حقا أن النباحى ، على الرغم من كثرة من أستفادوا منه ، وتأثروا به ، واستلهموه ، لم يخلف تلميذا واحدا . وهنا نترك المجال لصديقه اسماعيل الحصار (9) يحدثنا عن السبب فى ذلك ، يقول : " ظل النباحى طيلة عمره يقر بأنه طالب علم وأدب ، ولم يعتبر نفسه قط أستاذا يمكن أن يتلقى عنه غيره ، على الرغم من علو كعبه فى الصناعة ، وقصور المشاهير فى عصره عن أن يربعوا إرباعه ..



وأذكر أنه فى ذات يوم من أيام الصيف ، كنت أجلس معه فى ظل المسجد الصغير بعد صلاة العصر ، إذ دخل علينا طالب ، قادم من بغداد ، وهو يسأل بلهفة عن النباحى ، وعندما دللته عليه ، توجه إليه باحترام شديد ، وقال له : يا مولانا ، الأدباء فى بلادنا يذكرونك بالخير ، وقد أوصانى كثير من شيوخى بالسفر إليك ، والأخذ منك . فأعرض عنه النباحى قائلا : يا بنى عد من حيث أتيت ، فما عندى أهون مما سمعت ! ، وقد عاتبته بعد أن خرج الطالب البغدادى مكسور الخاطر : لماذا صرفته يا أبا مرزوق ، وكان بإمكانه أن يكون طريقك إلى الشهرة ؟! فأومأ إلى متهكما ، وقال : أى شهرة يا اسماعيل ، وأنا عبد ضئيل ! (10) " .



مع شعراء عصره :



عاصر النباحى عددا كبيرا من فطاحل الشعراء لكنه بذهم جميعا ، ومع ذلك فقد كان شديد النفور من الإنشاد فى المحافل العامة ، أو الوقوف بأبواب الولاة والسلاطين (11) .



يحكى أن الوزير الفالوذجى استدعى النباحى ذات يوم ، وعرض عليه أن يقدمه إلى بلاط ( زند الدولة ) وكلن يعج بالشعراء ، ولكنه رفض ، فقال له : " إذا كنتم لا ترغبون فى نفع أنفسكم ، فلماذا لا تعملون حسابا لأسرتكم ؟! " فرد النباحى قائلا : " لقد توفيت الوالدة بعد الوالد ، وانقطع عنى خبر العم والخال ، والزوجة مريضة لا تأكل ولا تشرب ، وابنى الوحيد مرزوق ، قد ترك البيت ، وذهب للعمل فى السوق .. فعلام السعى والاندفاع، وتعفير الوجه برؤية الأنطاع ؟! " فقال له الوزير: كأنك تقصدنى يا شاعر السوء ! " . ونهض فنهض بنهوضه جميع من كان فى المجلس ، وتركوا النباحى وحده يهمس : لقد سألنى الوزير فأجبت ، ولو أنه لم يوجه لى السؤال ما نطقت ! "



ولاشك أن هذه القصة تشير إلى أمر غاية فى الأهمية ، وهو أن الوزير الفالوذجى ، وكان خبيرا بأقدار الشعراء ، لم يستدع النباحى أصلا ، ولم يعرض عليه تقديمه إلى بلاط زند الدولة إلا لعلمه بمدى قدراته الشعرية ، وإدراكه الشديد لما كان يتمتع به شاعرنا من طاقات بلاغية متميزة .



أما شعراء مدينة نباح ، وكانوا لحسن الحظ يقولون ما لا يفعلون ، فقد كانوا يمقتون النباحى أشد المقت ، ويتحينون الفرصة للنيل منه ، وفى إحدى الليالى ، اجتمعوا فى دار أحدهم ، وأجمعوا على التخلص من النباحى .



وقد اقترح أحدهم أن يسرقوا حماره الوحيد ، لكى يمنعوه من التنقل بين دكاكين الوراقين .



وقال آخر : " بل نحفر أمام بيته حفرة عميقة ثم نغطيها بالقش وعيدان القصب ، فإذا خرج وقع فيها وتخلص الجميع منه . "



وذهب ثالث : إلى أن يحرقوا بيته ، فتأتى النار عليه وعلى أشعاره (13) .



ولما أعيتهم الحيلة ، قرروا أخيرا أن يشيعوا بين أهل المدينة أن النباحى قد جن ، وأن عقله قد اختل .. وعندما سمع الناس بالخبر ، توافدوا إلى بيت النباحى ضاربين كفا بكف ، وهم يكبرون ويهللون وعلت هتافاتهم قائلين : لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم ...



وحين سمع النباحى تلك الجلبة ، اعتدل جالسا وكان متكئا على وسادة من القش ، وسأل : علام هذه الضجة ؟ فقالوا : الناس بالباب يسألون ، وهم لأحوالك متطلعون . فخرج إليهم ، ووزع البشر عليهم ، وتحدث معهم على أكمل ما يكون من العقل الرشيد ، والمنطق السديد .. فرجعوا وهم يتعجبون من سموم الإشاعات ، حين تطلقها ألسنة الحيات ! (14) .



رسائله النثرية :



عثر الباحثون فى بيت النباحى ، بالاضافة إلى ديوان شعره ، على بعض القصاصات التى تشتمل مسودات لرسائل شخصية ومكاتبات كانت موجهة إلى بعض أقاربه وأصدقائه.



ونظرا لما أصبحت هذه الرسائل تكتسب فى الوقت الحاضر من أهمية خاصة لدى علماء النفس والأنثروبولوجيا ، فقد حرصنا على أن نورد هنا بعض ( مقتطفات ) منها على أننا نعد الباحثين المهتمين بتراث النباحى أن ننشر فى القريب العاجل كل رسائله ومكاتباته ، وبذلك نسهم فى ملء فراغ المكتبة العربية بالأعمال الكاملة لهذا الشاعر الكبير ، الكبير القدر ، المجهول المكانة .



1 ــ المقتطفة الأولى :



[ من خطاب موجه إلى خاله أبى أيوب الشيال ]

" .. ويؤسفنى أن أخبرك بأن كل ما طلبته منى لم أتمكن من تحصيله حتى الآن ، ولعلنى فى القريب العاجل أوفق فأرسله لك مع أحد عمال البريد ، الذين تعرفت بهم أخيرا ، وإن كنت غير واثق من ذلك تماما "



2 ــ المقتطفة الثانية :



[ من خطاب غير مؤرخ ، موجه إلى شخص مجهول ]

" .. وهذه الأمور التى حدثتنى عنها لا تمثل عندى إى أهمية ، وقد نسيتها تماما بعد قراءة مكتوبك الأخير ، وأصبحت بالنسبة لى كأنها لم تكن ! "



3 ــ المقتطفة الثالثة :



[ من خطاب شديد اللهجة إلى .. العباس الملحمى ]

" .. وكيف توجه لى اللوم ، وأنت باللوم أحق ، وكيف يسهل على قلمك هذا الكلام ، وهو على النفس أشق ، إن القلب لينفطر انفطارا ، وليس ما يملأ الروح وحشة مثل الصحارى!"



4 ــ المقتطفة الرابعة والأخيرة :



[ من خطاب ممزق إلى أحد الأصحاب ]

" .. وضرورى جدا جدا أن ترسله لى مع خادمك ، وإذا كان ثقيلا فيؤجر مركوبا مناسبا ، وسوف أدفع له أجرته ، ولك خالص شكرى ، والسلام " .



عصره :



يمكن القول بأن العصر الذى عاش فيه النباحى يعتبر من أشد عصور الحضارة الإنسانية اضطرابا ، وأكثرها غرابة .



فمن الناحية السياسية : اتسعت أطراف الدولة اتساعا كبيرا ، باستثناء المنطقة الواقعة بين الشام ومصر ، فقد اقتطعها أهل الغدر ، كما تعددت الأقاليم ، وتغلب ملوك الطرائف : كل على إقليم ، وأصبحت بينهم علاقات المنافسة فى مجال العظمة والأبهة ، واستقدم كل منهم نتيجة ما عقدوه من معاهدات استهدفت احترام الحدود الهشة ، وعدم التدخل فى الشئون العائلية ، وذلك على الرغم من شدة ملاحظة كل منهم للآخر ، وفتح العين والأذن والأنف رصدا لحركاته ، واطلاعا على نقائصه وسوءاته .. (15)



ويصور المؤرخ الكبير المفروقى هذه الفترة بكلمات تنز بالدمع والعرق ، وتكاد تبلل الورق . يقول : " وقد امتد عصر ملوك الطرائف ما يقرب من قرن ، مملوء بالقهر والحزن فيها استولى ( السلائطيون ) على مقاليد الرئاسة ، وأداروها قهرا وبلا كياسة، واستأسد الأعداء المحيطون بأطراف الدولة ، عندما وجدوها شبه منحلة ، كما قدم إلى الديار الشامية عدد كبير من ( الفلاتية )، واستطاعوا فى غياب الوعى أن ينشئوا لهم محمية ، وتصبح لهم عصبية ..



وفى تلك الفترة صار لكل إقليم بلاط ، برطع فيه المنافق وزاط .. ذلك أن أذن الولاة قد صارت تؤذيها الريح ، ولا ترتاح إلا إلى المديح ..



أما التجار فقد جاوز جشعهم مستوى المقياس ، وكادوا يفترسون بأسعارهم الناس..

وتنمر أصحاب الحرف بكل ذى حاجة ، وأصبح جل همهم إحراجه ..

أما الفلاحون فقد تشبهوا فى كل شئ بأهل المدن ، ولم يعد عمرو بأقبح من حسن !

وهكذا فإننا نتضرع إلى الله أن يزيل الغمة ، وأن ينقذ برحمته من الغرق سفينة الأمة " (16)

الحالة الثقافية والفنية :



وعلى الرغم من الاضطراب السياسى الذى ساد عصر النباحى ، فقد ازدهرت فى المقابل حركة التأليف ازدهارا كبيرا .

ويرجع السبب فى ذلك إلى أن الناس أقبلوا على التعليم – وليس العلم – فانتشرت المدارس ، وراحت كل أسرة تدفع بأبنائها لسرعة الحصول على ( إجازة ) تكون سلاحا على غدر الزمان ، أو سلما إلى دروب الكسب ، أو وجاهة بين الأتراب . وتحت إلحـاح هذه الرغبة الشرهة ، أقبــل الأساتذة والمعلمون على ( التصنيف المنهجى ) وهو نوع من التأليف ، يتميز باصطياد عدد من نصوص المؤلفين القدامى ، وبعض المحدثين الغافلين ، وترتيبها على نحو معكوس ، ثم إخراجها فى ثوب قشيب ، وتوقيع اسم المصنف عليها مصحوبا بأعلى الألقاب العلمية ، المتعارف عليها فى الأوساط الأكاديمية .



أما حركة الترجمة فلم تكن على نفس المستوى ، إذ اعتبرها معظم العلماء مجلبة للأفكار الأعجمية التى تزين لأبناء الأمة حياة الأعداء ، ومن ثم فقد رفضها المجتمع رفضا بدون تبرير . وبعض الذين تعاطوها تحايلوا على ذلك بنقل الكتب الأعجمية نقلا غير أمين ، ونسبوها بعد تحريفها إلى أنفسهم ، باعتبار أنها من تأليف هم أنفسهم ، وبالتالى فقد تجنبوا اللوم ، وتميزوا فى القوم !



وقد انتشر فى ذلك العصر حب الغناء ، وكثر المطربون والملحنون إلى حد أن أصبحت لهم نقابات ، وتلقف الناس أغانيهم ومواويلهم بكل لهفة ، وصاروا يرددونها فى كل زفة (17) وتسابق الناس فى إحياء الحفلات ، مما ساعد على غلاء أجور الطبالين والزمارين والراقصات .



ويذكر الصنجهانى أن قريته ( صنجهانة ) وحدها كانت تضم ثلاثمائة ألف مطرب ومطربة ، مع أن عدد سكانها كلهم لا يتجاوز ثلاثمائة ألف وخمسين نسمة (18) ، ويعلق مسعود الأطرش – وهو معاصر الصنجهانى – بأن هؤلاء الخمسين هم أسرة الصنجهانى نفسه : حاول أن يستثنيها من السوء ، فما زاد على أن جعلها تعيش فى وسط موبوء ، على أن الصنجهانى نفسه كان ذا خفة فى عقله ، ولا ينبغى أن يوثق فى نقله (19) .



ومهما يكن من شئ ، وعلى الرغم من تحامل مسعود الأطرش على معاصره الصنجهانى ، فإن كليهما يثبت تجنب أهل العصر للصراع ، وميلهم الشديد إلى تشنيف الأسماع !



خصائص شعره :



يمكننا ببساطة أن نقسم شعر النباحى إلى ثلاث مراحل رئيسية ، تتميز كل منها بخصائص معينة ، وسمات محددة ، وفيما يلى إشارة موجزة لهذه المراحل (20) :



المرحلة الأولى :

ويمكن أن نطلق عليها المرحلة القرمزية (21) ، ولا نعنى بها اللون القرمزى الذى ميز أعمال الرسام العالمى الشهير بيكاسو فى فترة معينة ، وإنما المقصود هنا هو مرحلة البدايات الشعرية الأولى ، التى كان النباحى يحاول فيها صياغة ( القصيدة ) على منوال الشعراء السابقين عليه ، وخاصة شعراء المعلقات ، والصعاليك ، وبعض كبار وصغار العصرين الأموى والعباسى .



وفى هذه المرحلة المبكرة نجد النباحى يطرق تقريبا نفس الموضوعات التى طرقها هؤلاء الشعراء ( مدح – فخر – رثاء – هجاء – وقوف بالاطلال – شكر على هدية ... الخ) كما يلتزم شاعرنا بعمود الشعر : يلازمه ولا يكاد يبرح عنه إلا فى بعض الأوقات العصيبة التى تفرضها عليه حاجاته الطبيعية .



والقصيدة عند النباحى – فى تلك المرحلة القرمزية – لا تكاد تتميز بسمات شخصانية ، وإنما هى نفسها سمات الشعراء الذين يحاكيهم : فهو عندما يحاكى مثلا قصيدة للنابغة أو فرزدق ، أو دعبل الخزاعى ، تأتى قصيدته وكأنها هى هى قصيدة واحد من هؤلاء لفظا ومعنى ، وبحرا وقافية .



وخلاصة الملاحظات الموضوعية التاريخية المقارنة لهذه المرحلة ، أن النباحى يؤكد للجميع - وبما لا يدع مجالا للشك أو التردد – أنه يمتلك نفس الموهبة ، ونفس التكنيكية التى يمتلكها الشعراء السابقون .



وقد ذهب العلامة أ . روكى A . Rocky فى بحثه الهام المنشور بالمجلة الأفروآسيوية ( العدد 113 لسنة 1840 ) إلى أن من يريد أن يطلع على خصائص الشعر العربى كله : يمكنه أن يرجع ببساطة إلى شعر النباحى ، وخاصة فى مرحلته القرمزية (22) .



المرحلة الثانية :

وهى التى أجمع الباحثون على تسميتها بالمرحلة الأستوائية . وفى هذه المرحلة يقوى عود الشاعر ، ويصبح صوته أجش ، وتبدو عليه علامات البلوغ الشعرى المبكر ، وهنا يغدو الحزن المأسوى هو الغالب على معظم إنتاجه ، الذى يحس القارئ له بنكهة خاصة ، ويكاد يشم له رائحة متميزة !



ومن ثم جاء وصف المرحلة بالاستوائية نسبة إلى الفعل ( استوى ) أى نضج .. والواقع أن القصيدة النباحية تنضج بالفعل ، وتصبح جاهزة للتقديم إلى جوعى البطن والروح معا .



وقصائد هذه المرحلة الاستوائية تتميز كلها ، وبدون استثناء واحد ، بطابع مأسوى فاجع : والشاعر فيها إما جائع يتلوى ، أو عطشان يتحرق ، أو يائس يتهاوى ، أو سائل يستجدى ، أو حائر يتخبط ، أو مريض يتوجع .. ومع ذلك فنحن لا ننكر أن الباحث عن المثالب يمكنه أن يعثر هنا أو هناك على بعض لمحات السعادة ، أو لمعات الفرح ، ولكنها ما تلبث أن تختفى وتنطفئ وتتلاشى فى ظلام الوحشة القاتل الذى يلف حياة النباحى ، والتى يجثم فوقها عصره البغيض الخداع ، فيكاد يخنق أنفاسه ، ولا تخرج منه إلا أنات متوجعة ، يمكن سماعها بوضوح من تحت الأنقاض .



ونحن نذهب إلى أن هذا الطابع المأسوى الحزين الذى يغلف قصائد تلك المرحلة الاستوائية هو السبب الحقيقى وراء إطلاق كنيتة ( أبى الليل ) على شاعرنا المسكين ، وليس كما ذهب كل المؤرخين المغرضين أنه كان يعشق الليل ، ويتجول بين خرائبه ومغانيه (23) .



المرحلة الثالثة :

وهى التى ذهب اثنان من الاخوة الباحثين (24) إلى تسميتها : المرحلة الدبوسية . وهى المرحلة التى خرج فيها النباحى من المرحلة الاستوائية ليدخل مرحلة أخرى جديدة تتميز بالإحساس الساخر بعدم الجدوى ، والاستهزاء الحاد والمدبب كرأس الدبوس !



يقول الباحثان بالحرف الواحد : " ولا يرجع هذا الإحساس إلى اليأس من تغيير العالم بمقدار ما يرجع إلى ( الشك ) فى مقدرة الشاعر نفسه على هذا التغيير " ثم يتساءلان : ما هى وسيلة الشاعر فى تلك المرحلة ؟



وتأتى إجابتهما قاطعة : " إنه يستخدم ال ironie الذى استخدمه من قبل كل من أرستوفانس ، والحطيئة ، وأبو العلاء ، ونيتشه ، وكافكا .. وكل الموتورين . وقد استطاع النباحى بهذا الأسلوب الساخر أن يصل إلى مستوى متقدم للغاية فى مجال الكشف عن قارته المجهولة ، وسط مملكة الماء " (25)



ومن جانبنا نقول : إن هذه المرحلة الدبوسية قد استمرت مع النباحى حتى آخر أيام حياته ، وقد طالت إلى حد ما ، نظرا لأن الشاعر قد آثر ضربا من العزلة ، كان قد ضربه على نفسه ، بالإضافة إلى ما ضربه عليه المجتمع من ضرائب واستقطاعات ! (26)



تحقيق النص :



اعتمدنا فى تحقيق ( ديوان النباحى ) على ثلاث نسخ خطية ، نادرة الوجود ، قمنا بجمعها من ثلاثة أطراف المعمورة ، ونقصد بها : إفريقية ، وآسيا ، وأمريكا .

ونلاحظ بدءا عدم وجود أى نسخة من ديوان النباحى فى مكتبات أوروبا ، على الرغم من أنها تمتلئ بالمخطوطات العربية ، التى قام بجمعها أفواج الرحالة والمستشرقين ، خلال القرنين الماضيين ، وأودعوها فى مكتباتهم ، وأصبحت تمثل لهم – الآن – ثروة اقتصادية كبرى ، لأن الطلاب العرب صاروا يفدون إلى تلك البلاد طلبا لنسخها أو تصويرها ، فيضطرون للإقامة بها – والإقامة باهظة التكاليف كما نعلم – وأسعار الميكروفيلم وتحميضه وطبعه غالية جدا ..

وفيما يلى وصف دقيق لكل نسخة من المخطوطات الثلاث التى اعتمدنا عليها :



1 ــ نسخة إفريقية :


توجد هذه النسخة الفريدة فى مكتبة ملحقة بمسجد سيدى عبد الرحمن ، الواقع على الطرف الجنوبى الغربى من بحيرة تشاد . وهى محفوظة فى جلد غزال برى وبها خروم كثيرة ، وعليها بعض السماعات على عدد من كبار الأدباء كالترخانى ، والمنبقى ، وابن السماد . ومسطرتها 25x36 . وعدد أوراقها أربع وخمسون ورقة ، وهى مكتوبة بخط النسخ المختلط بالرقعة ، وأوائل القصائد مكتوبة بالحبر الأحمر ، الذى لا يكاد يظهر..

وترجع أهميتها الخاصة إلى ذكر ( موضوعات القصائد ) قبل القصائد نفسها . ويبدو بوضوح أنها من عمل أحد علماء الأدب الأفاضل : علقها لنفسه لكى تساعده فى التدريس . ونرجح أنه كان معاصرا للنباحى ، أو على أكثر تقدير فى العصر التالى له مباشرة . لأن هذه المقدمات دقيقة للغاية ، وهى تلخص بالفعل موضوعات القصائد .

وقد رمزنا لهذه النسخة التى جعلناها أصلا فى التحقيق بالحرف ( ق) ، لأنه أبرز حرف فى كلمة إفريقية التى تنتسب إليها المخطوطة .



2 ــ نسخة آسيا :


وهذه النسخة العجيبة محفوظة بمكتبة أحد المسلمين بالصين . وقد سمح لأحد الدبلوماسيين العرب فى القرن الثامن عشر الميلادى باستنساخها . وقد وصلتنا هذه النسخة عن طريق المصادفة البحتة ، ولولا هذه المصادفة لما وصلتنا . فالحمد لله على الحظ الحسن !

وترجع أهمية هذه النسخة العربية إلى أن صاحبها أو بالاحرى ، ناسخها العربى ينقل الألفاظ بعناية بالغة ، ويشير فى أثناء النقل إلى عدم معرفته بمعانيها . ولكنه يؤكد فى كل ورقة تقريبا أنه قد نقل النص بكل أمانة ، لأنه – فيما يذكر – يحسب " أن هذا الكلام شبيه بكتاب كليلة ودمنة الذى تعلمه فى الصغر ، وهو الكتاب الذى نقله الفرس عن الهنود ، والعرب عن الفرس ، واستحق ناقله إلى العربية وهو الأديب ابن المقفع أن ينال تقدير الأجيال من بعده " .

والدبلوماسى العربى واع تماما لهذا الكتاب البديع النظم ، على حد قوله ، وقد وعد أكثر من مرة أنه سوف يضيف تاريخ حياته ومشاهداته إلى الكتاب ، ولكن هذا الوعد لم يتحقق ، وذلك الجزء الشخصى الهام قد ضاع ، فافتقدنا بذلك اسم هذا الشخص ، وتاريخ نسخه ، ومكان الرجل الصينى الذى سمح له بنقل النسخة ، وكل شئ تقريبا .. ما عدا النص العربى الصحيح لديوان النباحى .

مسطرة هذه النسخة 37x42 . وهى ذات ورق صقيل . وعدد سطورها 18 وتبلغ صفحاتها 108 ورقة . وهى مجلدة بورق مغطى بطبقة من حرير دودة القز .

وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف ( س ) ، لأنه أبرز حرف فى كلمة آسيا التى تنتمى إليها المخطوطة .



3 ــ نسخة أمريكا :


كانت المفاجأة الكبرى أن تظهر هذه النسخة المدهشة من ديوان النباحى فى تلك القارة البعيدة جدا عن موطن الشاعر ( تقطع الطائرة – الكونكورد ، الأسرع من الصوت ، المسافة بين مدينة نباح ، ومكان ظهور النسخة فى 22 ساعة فى الوقت الحاضر ) وهذا دليل رائع على أن أفكار البشر لا يحدها بعد المكان ولا طول السفر !


وقصة هذه النسخة أن أحد هواة التحف الأمريكيين قد حصل عليها فى مزاد نصف علنى أقيم فى مدينة كلسى Kelsy ، المطلة على شاطئ المحيط الأطلسى .. ولإدراكه لقيمتها فقد ضن بها ، ولم يقدم منها صورة إلى مكتبة الكونجرس التى أصبحت تضم كل ما هو مطبوع أو مخطوط فى العالم كله .


ويحكى أن هذه النسخة ظلت فى خزانة العجوز الأمريكى إلى أن أصابه مرض عضال ، فأعطاها قبل وفاته بليلتين إلى أحد مساعديه من العرب ، فحملها هذا الأخير إلى بلاد الشرق ، وهكذا عاد إلى موطنه البرق !


والجديد فى هذه النسخة أنها مكتوبة بالحروف اللاتينية ولكن نطقها عربى فصيح . وهذا يؤكد أنها كتبت فى أثناء الحملات الصليبية . ويبدو أن أحد الرهبان الإيطاليين قد أعجب حينئذ بشعر النباحى ، فحرص على أن ينقله إلى أوروبا ، فجعل بعض الطلاب العرب ينطق أمامه الأبيات ، بينما يقوم هو على الفور بتسجيلها كما هى بالحروف اللاتينية (27) .


ومن خلال الفحص الدقيق للمخطوط يتبين أن لهجة القارئ العربى يمكن أن ترجع إلى المنطقة الواقعة بين خراسان واذربيجان ، لأن حرف الظاء ينطق بصورة أقرب ما يكون إلى الذال ، وهو نطق هذا الحرف لدى أهل هذه المنطقة فى الفترة المذكورة .


ومسطرة المخطوط 14x17 . وعدد السطور بكل ورقة 14 . وعلى هوامشها بعض الرسوم التى تصور آلات الحرب والقتال فى العصور الوسطى ..


وقد رمزنا لهذا المخطوط بالحرف ( ك ) ، لأنه أبرز حرف فى كلمة أمريكا .



عملنا فى التحقيق :



1 ــ قمنا بمقابلة النسخ الثلاث السابقة بعضها على بعض مقابلة دقيقة ، واستطعنا أن نستخلص النص النهائى ( القاطع ) لشعر النباحى .. مع حرصنا الشديد على أن نسجل فى الهوامش كل فروق النسخ . وبالطبع وضعنا فى المتن نص مخطوطة إفريقية ، فهى كما يبدو لنا أقدم المخطوطات وأكثرها ضبطا وبيانات .


2 ــ شرحنا كل الكلمات الصعبة التى وردت فى شعر النباحى ، وهى بالمناسبة غير كثيرة. أما الصعوبة التى قابلتنا فى هذا المجال فهى فهم اللغة المحلية التى استخدمها النباحى كثيرا فى شعره . وقد استعنا فى ذلك بمراجعة أهل المنطقة التى كان يعيش فيها ، مع أن معظم أهلها لم يعودوا يتكلمون نفس اللغة القديمة .


3 ــ كنا نتوقف فى الهوامش أحيانا لننبه القارئ ( الغافل ) إلى بعض الإشارات العميقة الواردة فى شعر النباحى ، وكذلك لنشير إلى مواطن استمداده من أشعار سابقيه . وقد بذلنا فى هذا الصدد جهدا جبارا ، لكى نربط بين شعر النباحى ومن سبقه حتى يكون حلقة طبيعية فى سلسلة الشعر العربى .


4 ــ لم نشأ أن نضع فهارس تفصيلية ( أماكن ، أعلام ، مصطلحات .. إلخ ) حتى لا نثقل هذه الطبعة بهذه الأمور التى لا تخفى على اللبيب ، واكتفينا بدلا من ذلك بفهرس عام لموضوعات القصائد .


5 ــ لا يسعنا فى نهاية هذه الدراسة المرهقة إلا أن نتوجه بالشكر العميق لكل مراكز البحوث المحلية والعالمية التى أمدتنا بمعلومات ضئيلة للغاية عن عصر البناحى ، والتى أثارت لنا بعض المشكلات الهامشية التى لم نتمكن من حلها أثناء التحقيق !


كذلك نتوجه بالشكر الجزيل إلى كل من محمد أفندى عبد الودود ، وشاكر السحرتى على تفضلهما بمراجعة تجارب المطبعة ، وتصويباتهما الدقيقة .


وإننا لنرجو مخلصين أن تكون هذه النشرة لديوان النباحى حافزا للدارسين على أن يبذلوا مزيدا من الجهد ، وأن يتحملوا مسئوليتهم بكل أمانة .. فالطريق طويل ، والعثرات واردة ، والهدف أسمى من أن نشير إليه فى كلمات !


هوامش الدراسة :




1. 2 /354

2. 3/15

3. انظر مقاله الشهير فى حوليات الجمعية الملكية النمساوية ، المجلد XXII ص 119-38

4. ح 11 ص 3

5. ح 7 ص 333 ط . ليدن

6. انظر : اليواقيت الحمراء ح 13 ص 703 ، ط . الآستانة 1229 ه

7. الحصر جمع حصير ، والسلال جمع سلة . وكلاهما يصنع من السمار والبوص بعد أن يقطع ويجفف . وكان صنعهما مزدهرا فى مدينة نباح . ويقال إنها كانت تصدرهما للخارج .

8. انظر "مسامرات الأخبار فى تحصيل الأشعار " مجلد 5 ص 780 .

9. كان لإسماعيل الحصار دكان يبيع فيه الحصر على نهر سيحون .

القصة فى : اتحاف السامع بأخبار التواضع ، ص 375 .

توجد فى ديوان النباحى قصيدة وحيدة يمدح فيها رمح الدولة الشمخانى ، ولكننا نميل إلى أنها كانت من قبيل التدريب على فن المديح ، الذى سيطر على كل شعراء العصر . وعلى أية حال ، فالقصيدة تنتمى إلى المرحلة القرمزية . انظر ص 17 من الدراسة ، وصفحة 30 من الديوان .

10. انظر الأجوبة السكتة ح 2/96 .

11. هذه الإقتراحات الشيطانية الثلاث أوردها السمارى فى كتابه " مناهج الإخفاء فى الإيقاع بمشاهير الشعراء " ص 375 ط . بيروت .

12. انظر " الوجيعة فى الكيد والوقيعة " ح 7 ص 890 ، وقد حاول بعض الباحثين الأوروبيين الاعتماد على هذه القصة لإثبات حالة من الخلل العقلى لدى النباحى ، ولكننا نرد عليهم ، ونؤكد أن هذا الاتهام لا يقوم على أساس .

13. انظر " القطائف فى عصر ملوك الطرائف " المجلد 28 صفحات 111 ، 112 ، 113 ، 114 ، وكذلك 227 .

14. المفروقى : الحوليات الكبرى ح 27 ، صفحات 223 ، 224 ، 225 .

15. للنباحى قصيدة جيدة تندد بهذا الاتجاة ، أنظر ص 32 .

16. إبعاد النقص ، عن أهل الرقص ح 7 ص 257 وما بعدها .

17. أنظر كتابه " أعراض الزمانة ، فى خصائص أهل الصنجهانة " المجلد الثالث ، ص 413 .

18. حاولنا فى هذه العجالة أن نوجه أنظار الباحثين إلى مثل هذه الدراسة التحليلية التى يمكن أن تأتى بنتائج هامة للغاية فى كل المجالات .

19. قرمز : بدأ محاولات كتابة الشعر . القاموس الأكبر .

20. البحث بعنوان : The Shalaktesten der humourtath de Nubahi

21.انظر ص 5 من هذه الدراسة .

22. عباس عطا الله ، واسماعيل عطا الله فى دراستهما الأخيرة عن تاريخ الشك فى الأدب العربى ، دار الحيران ، بيروت 1975 .

23. المرجع السابق ، ص 70 ، وانظر الفهارس الملحقة بآخر الكتاب .

24. انظر قصيدته فى رثاء حماره بالديوان ص 65 .

25.هنا مجال واسع لدراسة مقارنة ننصح بها بعض شباب الدارسين فى محاولة لبيان أثر شعر النباحى فى النهضة الأوربية ، ومن هم أبرز الشعراء الذين تأثروا بالنباحى ، وحسبنا أن نشير بسرعة إلى أن النفس الشعرى لدى النباحى يشبه إلى حد كبير أنفاس كل من دانتى الإيطالى ، وجوته الألمانى ، وهوجو الفرنسى.. والذى يبقى فقط هو إثبات التأثير والتأثر من الناحية التاريخية البحتة ، وهو موضوع جيد لرسالة ماجستير !

 

 

ثانيا : النص المحقق لديوان النباحى



[ عندما هجاه أبو بكر الصرماح (1) بقوله : ]


الطير فى الروض تشدو

وأنت فى الحى تنبح

هــــلا سكــــت طـــــــــــــويلا

يــا أيهـــا المتبجــــــح

رد عليه قائلا :

أنــــــــا الذى أتغنــــى

بمجد قومى وأصدح

ومــا ســواى هـو الهجــص ، والصــدى ، والتبجــح ! (2)

( 1 ) أبو بكر الصرماح ، شاعر بذئ اللسان ، ولكنه طيب القلب . اشتهر بكثرة الشجار مع شعراء عصره ، توفى بعد النباحى بعام واحد ، أى سنة 556 . ورثاه بقصيدة طويلة مطلعها :

اليوم غاب النباحى

فغاب ضوء الصباح

ولـم يعـد غيــــر صــــــــــــمت القبـــور ، والأشبـــــــــــــاح

أنظر " الشعراء الأشرار " ص 322 ، ومجمع الشجار 2/560 .

( 2 ) الهجص : الكلام الفارغ ، والتبجح : تناول المرء ما لا يحسنه مع ادعاء الإجادة فيه . ويبدو بوضوح أن البيت الثانى مأخوذ من قول المتنبى:

فدع كل صوت بعد صوتى فإننى

أنا الصائح المحكى والآخر الصدى

 

 

 

[ وقال حين عاتبته زوجته على قلة ماله : ]


تســائلنى أم العيــال ، وقــد مضـى

مـن الليــل نزع : مــا لجيبــك خـــال ؟

فـقـلت لهـــا : إنــى فقيـر ، وإنمـا

سيــرفــدنى عنـــد المــلمـــة خـــــالــــى

فقـالت : لقد أرهقتنى فـى معيشتى

وشوهـــت فـــى وجــهى معـالم خالـى (1)

( 1 ) الخال فى البيت الأول : صفة تعنى الفراغ ، والخلو من المال . وفى البيت الثانى : تشير إلى القريب ، الذى هو أخو الأم . أما فى البيت الثالث : فالمقصود به علامة الحسن فى الخد .

وقد استخدم الشاعر – ببراعة فائقة – هذه الألفاظ الثلاثة المتطابقة فى اللفظ ، والمختلفة فى المعنى على نحو يندر أن نجده لدى أحد من الشعراء المولدين !

 

 

 

[ وقال يمدح رمح الدولة الشمخانى (1) : ]


تؤرقــه فـى كــل ليـــل كواكبــــه

ويصغى له التاريخ ، والمجد صاحبه

يفكر فـى الجلى ، فيطلع شمسهـا

ويقدم كالضرغــــام ، لا شئ حاجبــــــه

إذا ( زغرت ) عيناه أرعد خصمه

وإن سمـحــت كفــــاه أغرق طالبـــــــــــه

قصدت حمــاه راغبــا فـى نوالــه

فأعطى وأعطى .. ما توانت سحائبـه

هو الملك الصنديد ، يبرق تاجــه

وتـــزحــــــــم آفـــــــــــــاق البــــلاد ركــائبـه

تدين لــــه الأفلاك حتـى كـــأنمـا

يواكبـــــــــــها فــــى سيــرهـا ، وتواكبـــه

( 1 ) هو رمح الدولة الشمخانى ، كان يطمح أن يكون مثل سيف الدولة الحمدانى ، ولكن همته قعدت به . تولى حكم مدينة نباح مدة شهرين وثلاثة أيام ، ومات مفلوجا ، ويقال : مبطونا . كان قصير القامة ، محدودب الظهر ، وفى كلتا عينيه حول واضح . ويقال إنه كان من أجبن الناس وأشدهم بخلا .

انظر ترجمته فى " فرحة المجالس بمصير الأشاوس " 7/132 .

 

 

 

[ وقال يشكر صديقا على هدية : ]


نـادانى صوتـك فـى نـومى

واهتـــز عليـه الشبــــــاك

وفتحــت اللفــة ملهــوفـــا

فـإذا فـــى اللفــة أسمـــاك

البــــلطى خالطه البـــورى

بـالعرب اختلـــط الأتــراك

واصطف المقلى والمشوى

دارت فى عينى الأفلاك (1)

وهتــفـت : أخيــرا حالفنى

... ... ... ...

( 1 ) وردت هذه القصيدة مبتورة فى النسخ الثلاث . ويبدو أن النباحى لم يتمكن من إكمالها ، وقد أوردناها على حالها لنثبت – على عكس ما ذهب إليه بعض الباحثين – أنه كان من أكلة اللحوم ( الأسماك ) ، وليس نباتيا كما يزعمون .

 

 

 

[ وقال فى عصفور ( كان قد تعود أن يغرد على نافذته لفترة طويلة ، ثم اختفى ) : ]



سكت الروض حينما غـــاب عنى

وهــوت لعنـــة الخريــــف بـــأذنى

أين منى هذا المغرد فى الفجـــر ،

وقبــــل انبـلاجــــه .. أيـــن منـى ؟

ليتنى كنت قد حبستك فى العين ،

وأطبقت فــــوق صوتـــك جفنى (1)

فـلمن أسمـــع الغــداة ؟! لبـــــوم

أم لغربـــان تطــرد النــــــوم عنـى

علـــــم الله .. لـــــم أزل أتلــــوى

فـى فـراشــى ، وأنت أعـذب لـــحن

تتـــرامى إلى فــى هيئـــة الحلـم

وتــأتى إلى هنــــــــا .. وتـغـنــى !

( 1 ) فى س : ( قد حبستك فى الصدر )

 

 

 

وقال فى رثاء مصطفى بن الأشهل النجاتى (1) : ]



خطف المــــوت مصطفى

فهـل المــوت يشتـــكى

امسحوا أدمـــــع الأســى

إنــه مـــــات ، مـا بكى

كـــــان شهـما وبــائســا

عـاش صلـــدا ومنهكـا

فــــــــــــــاتـركـــــوه لقبــــــره

إنـمــــــا القبــــر متـــــــكـا

وأفيـــــــــــقوا لحــــــــالكــم

حيث يستحسن البكــا !

( 1 ) كان مصطفى بن الأشهل من كبار العتالين فى سوق نباح ، يقال أنه كان يرفع طن الحنطة من فوق الأرض دفعة واحدة . كان محبوبا من جميع زملائه ، وصديقا للنباحى . توفى فى ريعان شبابه وهو واقف على قدميه !

انظر " الأحمال والأثقال " ص 234 ط . كلكتا بالهند سنة 1803 .



[ وقال مفتخرا : ]



أنــا ابن قوم تسامى بيتهم ، وعلا

حتـى لقـــد جــاوز العشريــن أدوارا

بــه الشبابيك لــم تغلق على دغـل

والبـــــاب يدفع أضيـافــا وزوارا (1)

يبكى الرضيع لنا فى غير مخمصة

ويملأ الليـــل تصخابا وإعصــارا (2)

كـم اشتكى منـه جيران ، فقيل لهم

إن الصغير يغنى ، فاتركوا الدارا (3)

( 1 ) فى ك " الباب يقذف " والمقصود كثرة من يطرقون الباب سواء كانوا داخلين منه أم خارجين !

( 2 ) تصخاب مصدر على وزن تفعال . وهو استخدام نادر لا يقدر عليه إلا فحول الشعراء .

( 3 ) فى (س) زيادة بيت بعد البيت الرابع يقول :

هذا حصانى أمام الباب مرتبط

وليس يعجز بالحنطور إن سارا

 

 

 

[ وقال يصف قصة زواجه الأول : ]



وعودك ، أم هذا السـراب المؤمـل

وهجرك ، أم هذا القطار المحول (1)

ولـولا عيـون حيـن ترنو صغيـرة

لأعلنت صرمى ، والقطيعة أجمل

جدائـل يفنى المشط فـى خصلاتها

ويجمعــــها المنديــل حين تهدل (2)

وعند مسيل الخد حرق من الصبا

وخلف شحـــام الأذن يظهر دمــــل

ومهما سعت سلمى لتخفيـه ، إنه

يزينــــها فـى ضحكــــها ، ويجمـل

كتبت لهــا يومـــا خطابـا فمـزقت

خطابى ، وقد يجفو الجميل ويثقل !

فقلت لها والروح فى الحلق: إننى

سئمت ، وصدرى فى الشدائد يسعل

فإمـا وصـال لست أدرى مصيــره

فـــإن ودادى دائــــما يتحــــول (3)

وإمـــا فراق يهـدأ البـــال بـــــعده

فــراق لذيـــذ ، كلما امتــد يعسل !

فقالت : لقد أطريتنـا فـى جمالنــا

فمـــا لك عنـا – رغم أنفك – موئل

إذا كان وجه الصبح ، فاذهب إلى أبى

ولا تنظر الخطاب .. أنت المفضــل

ذهبت إليه فى الصباح ، فلم أجد

لديه جليسا ، والعجوز ( مبهدل ) (4)

وحين رأنى قال : أنت الذى هوت

فأنت بسلمى العـــامريـة موكـل (5)

شعرت كأن الأرض تهوى بأرجلى

وأنـــــى على رغــم الفضـاء مكبل

تزوجتها عامين ، لم أعرف الهنا

وهـل يهنأ الملدوغ ، والسـم يعمـل

قضى الله بالتفريق بينى وبينها

فغارت ... وهذا البيت أبهى وأجمل

( 1 ) يشير النباحى بالقطار إلى قافلة الأبل التى تسير متتابعة فى خط واحد ، وكان بإمكان قائدها أن يحول خط سير القافلة كلها بمجرد أن يأخذ بزمام الجمل الذى يقوده إلى ناحية معينة . وكان هذا العمل يثير غضب من فى القافلة ، تماما كما يحدث الآن حين يجرى تحويل مسار قطار ، أو طائرة .

( 2 ) تهدل : فعل مضارع أصله تتهدل ، وقد أجريت له عملية صرفية دقيقة انتهت به إلى هذا الوضع !

( 3 ) فى س : فإن فؤادى دائما يتنقل .

( 4 ) فى جميع النسخ " والعجوز مسطل " وقد فضلنا عليه ما أثبتناه ، لأنه أحد لوازمه !

( 5 ) فى ك : " فأنت بسلمى تستقل وتحمل "

 

 

 

[ وقال فى حريق ( كان قد اندلع فى مخزن الغلال الرئيسى بمدينة نباح ، ثم تبين فيما بعد أن الحراس هم الذين ارتكبوا الحادث ، ليخفوا ما سرقوه ! ) : ]



أشـعلوهـــا وأبــعـدوا

فهـل النــــار تخمــد

إنـــــــــــــها فـــى ثيـــــــــابـــــــــهم تتمــــــــــشــى ، وتصـــــــــــــــــــــــــــعــد

وغــــدا من عيونــهم

سـوف يمتـد مــوقـد

لعــــن الله فعــلــهـم !

قطعت منهمو اليـد !

***

مخزن القمح قد هوى

والطـواحيـــن تــرقد

واليتــامى تســاقطوا

وعلى الأرض مددوا

أى ليــــل يــضمــهـم

أى ريـــح تـعـربـد ؟!

كل بـــــاب مـوصــــد

كل حبـــل مـعـقــــد !

 

 

 

[ وقال يبكى الأطلال ويتذكر حبيبته الأولى عنيزة : ]

 


الليــــل يطفـح بـالضجـر

والسحب تعتصر القمر

ويقول صحبى : ما الذى

تجنيه من هذا السهر؟

أنـــــــــــــــــا عـــــــــــــــــاشق هــــذا المكـــــــــــان ، ومــا عليـــه من الأثـــر

هـــــذى بـقايـــا أكلــــهم

هذى المبــاول ، والبـعر

ولربمــــا تــركــوا هنـــا

أوهــا هنــا بعض الإبــر

كـــــــــــــــــــــانت عنيزة لا تخيـــط ، وكيـــــــــــــــف تبــــصر مـــن عور ؟!

أيـــــــــــــــــام نــــــــــــــــــرعى المــــــــــــــــــــاعز البـــــــرى فــــــى واد قــــــــــــذر

ونـــــــــــــــــــــروح نــــــــــــــــــــــأكل مــــن خشـــــاش الأرض مــــا لا يستـقر

وإذا تــــــمر قــــــــوافـــل

تـــلقى لنــــا بعض الكسر

فنــظل نــجرى خـــلفها

حتــــى يـــلاحقنــا البهر (1)

***

كبـرت عنيــزة فالتــــوى

كعبى ، وطـال المنـحدر !

قالـــوا لهــا : لا تـخرجى

فتــحجبت خـــلف الستـــر

وذهبـــــــــــــــــــــــت انشــد حــــــــــــــــــــــــــول خيمتـــها قصــــائـــــــــــــدى الغرر

حتــــــى بصــــــــــــــــــــــــــــرت بـــها تغــــــــــــــــــــادر .. ذات صبــــــــــح منكدر

فتــفتــت كبـــدى على

صـوت الظعــــــــائـن والسفر

وتمـــــــــــــــــــــــــزقت روحــــى .. كمثـــــــــــــــــل الثـــــــــــــــوب يعلق بالشـجر (2)

وأقمت فــى عرصـاتها

أظـــما ، فيسقينى المـطر

وأجـــــــــــــــــــوع ، تطعمنى الريـــــــــــــــــــــــــاح ، أجوب صحــــــراء الخــطر

قوسى على كتفى ، وفى

كفـى حســام منــكســــــــــــر !

وإذا بــصـرت بـــماعــز

تجرى ، وتـعثر فى الحفر

بـــرزت لـذاكـــــــــــــــــــــرتــى عـنيـــــــــــــــــــــــزة ، والصبــــــــــــــا ، والمنـــحـــدر

ورأيــــت فــى قسـماتها

وجـــه الحبيــب المندثر !

( 1 ) البهر : انقطاع الأنفاس من شدة الإعياء .

( 2 ) مما يجدر الإشارة إليه أن النباحى هو أول شاعر – حسب علمنا – فى اللغة العربية يصف تمزق الروح بتمزق الثوب العالق بالشجرة ، لذا وجب التنويه ! .

 

 

 

[ وقال فى موسم الحج : ]



عجبـت لهـذا الحشـد مـن كــل بقـعة

يجىء إلـــى البيــت الحــرام ، ويبتــهل

زحام كيوم الحشر ، حتى إذا انقضت

منــاسكـهم .. ســاقوا الهدايـا التى تدل

ومــا أدركوا روح التضــامن بينـــــــــــهم

فعادوا كما كانوا ينامون فى العسل (1)

1- النوم فى العسل : تعبير يدل على التكاسل عن أداء الواجب ، والركون التام إلى الراحة .

 

 

 

[ وقال بعد معركة خاسرة (1): ]



سقط السلاح من المناضل

وهوت على الكتف المعاول

وتــكاثــــــــــــــــر الأعـــــداء مـن كـــل الجــــــــــــــــــــهات ، فمـن أقـــــــــــــــــــاتــل ؟

ونــظــــــــــــــــــــــــــرت خـــلـفـى .. لـــم أجــد أحــــــــــــــــــــدا يســــــاند أو ينــاول !

هــــــــــــــــــــــــــــــرب الذيــــن لــــهم أجــــــــــــــــــــول ، وعن محــارمهم أصــاول

تــركـــــــــــــــــــوا دمــــى يجـــــرى ، وعـــادوا هـادئيــن إلــى المنـــــــــــــــــــــــــازل

يتســــــــــــــــــــــــــامرون ، ويــــأكلون ، وينـعســــــــــــــــــــــون .. بلا مشـــاغل

وكـــأن شيئـــا لـــم يـــــــكن

وكـــأن حربــا لــــــــــــــم تقـاتــل

***

ســـقــــــــــــــــــط الســــــــــــــــــــــــلاح ، ولـم يعـد فـى الطـــوق إلا أن أحـــاول

فـربطــــــــــــــــــــــــــــــت جـرحـى واستعنت بصـــــــــــــرختى : هل مــن منــازل ؟

مــا كــــــــــــــــــــــــــــــــــان فــى الميـدان غيرى ، مرهق الخطــــــوات ، نــاحـل

الريـــح تخــلع قـــامتى

والبـــرد ينشر فى المفــاصل

ورجـعـت أســـــــــــــــــــــــــــحب خيبتى خــلفى ، وأخبــــر مــن أقـــابــــــــــــــــــــل :

" هـــــــــــــــــــــــــــــــذا زمـــان الســـاقطيـــن ، وهــــــــــــــــــــــــــذه دنيـــا الأســافــل "

( 1 ) نلفت أنظار الباحثين عن موضوعات للماجستير والدكتوراه إلى أهمية المقارنة بين هذه القصيدة العجيبة وبين بطل سرفانتس الشهير : دون كيشوت .



[ وقال ملغزا : ]

 


مــا أكبـــر البـحـــــر ، ومــا أوسعه

مــن ذا الذى يقـدر أن يقطــــــــعـه (1)

إن كـنــت لابـــد لــــه سابــــــــــــــــــحـا

فــاذهب إلى الشـط ، وخذ قوقعــه

واسمع بها ، ماذا يقول الصدى

ومـن هو المهزوم فى الموقـــــــعه ؟

فإن عرفـــــت الســـــر ، فاحفر له

فى الرمل قبرا ، وانتظر موضـعــه

فقد يجئ الفـــــجر بعــــــــد الدجـى

وقـــــــــد تـغـنــى هــــــــــذه الضـفـدعه !

( 1 ) نظر النباحى فى هذا المطلع إلى قول أبى على البستى :

ما أكثر العلم وما أوســــــــــــــــــعه

من ذا الذى يقـــــــــــــدر أن يجمــعه

 

 

 

[ وقال معارضا أبا نواس (1) : ]



كــن عنيـــفا كحســـــــــــــام

وامض فى رأس اللئــام

وتــــــــــــــــــكلم .. إنـــــــــــــــــــــــــــــــما العـــــــزة فــــــى سيــــــــــــــــف الكــــلام

ربــما تجـرح ، لـــــــــــــــكن

أنـــت ضــوء فـى الظلام

وشــهاب فــى الديـــــاجى

والتـــماع فـــى الغــمــــــــام

تعس الصــامت ، يحيــا

هـــــملا بيــن الزحــــــــــــــام

وإذا مــــــــــــــــات : فبــغـــل

مـــات مـن طــول اللجام

( 1 ) فى قوله :



مـــــــــــــــــــت بداء الصمـــــــــــــــت خيــــــــــــــــــر لك من داء الكـــــــــــــلام

إنــمــــــــــــــــــــــــا الســـــــــــــــــــــــــــــالم مـــن ألجــــــــــــــــــم فــاه بلجـــــــــــــــام !!

 

 

 

[وقال متحديا من بحر المنسرح :]



البــحـر صــاف ، وشـــــــطـه درر

فــــمــا لقــلـبـى ، وذلك الكـــــــدر

إن قيـــل : هذا المــكان منتــجع

فـــــإن رأســـى تنــوشـــه الفــــــكر

أو قيـــل : هذا المســاء ذو قمر

فويــح نفسى ، مـا ينفع القمــر ؟

يــا ليتنى أدركت الذيــن مضــوا

فإنـــــهم بالصـــفاء قــد عبــروا

ولــم يــعد فـى المـــكان متـســــــع

ولـــم يــعد فـى الشبـاب معتصر

قــد كــان لــى صــاحب يـعاتبنــــى

والعـــتب يـحلو إن شـفه السهر

يقـــول : إن العروض ذو حـرن

وليــس يـعلــوه مــن بــه خــــــــور

ذاك أميـــر البــحور : منـســـــرح

ومـــا ســواه الآبـــــار والحـــــــــــفـر

وراح يــزهو علــى فــى شـــــــــغب

حتــــى استـشاطت بمنزلى الأكر

وقــــلت : لابــــــــــــــــد أن أنـــازلــــه

وســـرت : لا هــائـب ، ولا حذر

حتـى بلغت القـــاع الذى سقطت

بــه الضحـايـــا ، وأطبق الخـــطر

وصحت : أيــن الذى يسـابقنى؟

لهفــى عليــه .. اختفى به الأثر !

ولــم يعد فى المكان غيـر صدى

شــبابتى ، فى الريــــــــاح ينتـشر

رجـــعت للشـــط بــعد معــــــــــــــــــركة

بـعثـــت فيـــها مــا كـــــــــــــــاد ينـــدثر

فـــهل تــرى صـــــــــاحبى يــعاندنى

أم بـعد هــذى الأبيـــــــــــات يقتصر ؟

 

 

 

[ وقال فى قاضى نباح ( وكان مرتشيا ) : ]



غرائب الأشيـاء ملء البــــــطاح

وليـس من يـشبــــه قـاضى نبـاح

لا يـرفض الرشـوة مستنــــــــــكـرا

وإنـــــما يـقبلـــــــها بـــارتيـــــــــــــــــاح

وإن أشـاع النـاس عنه الخنـــــا

قـــــال : كريــــم يتـلقى الرمــــــــــاح !

إن جاءه خصمان : عاد الذى

يرشــوه حرا ، والنـواهى تبــــــــــاح

أمــا الذى يطــمـــــــع فــى عدلــه

فيـدخل السـجن مهيض الجنــاح

******

فــى مــرة قابــلتــه صــائــحــــــــا

فقلت : عفوا ، لم هذا الصياح ؟

فـقال : أولاد الحــــــرام افتـــروا

وصيروا الكــون حمى مستبــاح

دللتـــهـم ، لكنـنــــــــــــــى عــــازم

أن أقـتــل الذئب ، وأفـدى نبــاح

هتـفـت : هــذا مطلب يفتـــدى

فـأى شئ بث فيــك الكفـــــــــــاح (1) ؟

فـقال : لـو تعلم ماذا جنــــــــوا ؟!

لقـد أبـــاحـوا منــزلى للريـــــــــــاح

قـد نهبوا الدار ، ومـا تحتوى

وراح يـبــكى ، ويطيـل النــــــــــواح

همست والفرحة فى لهجتى :

لا تبتئس يا صاح..ما جاء راح (2)

( 1 ) فى س " هذا مطلب رائع " وفى ك " هذى بلدة تفتدى " .

( 2 ) ننبه القارئ الغافل هنا إلى الاختصار البليغ فى جملة ( ما جاء راح ) أى ما جاء من غير وجه حق ضاع بسرعة وسهولة من صاحبه !

 

 

 

[ وقال فى طبيب مدينة نباح ( وكان مشهورا بالمغالاة فى أجر العلاج ) (1) ]


أسلمت نفسـى للطبيب ، ولـم أكــن

أدرى بـــــأن الـــــداء فـــــى كفيــــــــــــه

وإذا بمبضــعه البليـــد يشـــــــــق فــى

جســــدى ، ويمضـــى غائـــــرا بيديه

سـاءلتـه : مـاذا يـدور ؟ فــلم يجب

وأشـــاح عــنــــى لاويـــا كشـحيـــــــــــه

نــاشـــــــــدتــه ، وظــلـلـت أرجــــو ، والدمـــــــــاء تسيل من جرحى على زنديه

فأجاب : هل ترجو الشفاء حقيقة ؟

فــتســــــــــمرت عينـــــاى فـــى عينيـه

فــأضــاف : هذا يقتضيك مبــــــالغا !

وانـــهالت الأرقــــــــــــام مــــن شــفتيه

أدركــت أنـى قـد غـدوت فريـســــــــة

الذئــــب يــعرضـــــها علـــى فكيـــــــــه

مــازال بــى حــتى كتبـت تنــــــــــــازلا

عــن كـــل أمـــــــوالـــى لـــــه ، وإليــه

وإذا ممرضـــــه يـوقــع شـــــــــــــاهـدا

ويـخبــئ الأوراق فــــــى جــــــــــيــبــيه

وأتى الطبيب يخيط جرحى بــاسما

ويــقول إنـــى قـد ( صـعبت عليــه )

غـالبت غيظى ، واحتبست مدامعى

وخــرجــت محمــــولا علــى كتفيــه

ويــقـول عــوادى : هنيــــئا للـــــــذى

نـزع الطبيــب الــداء مــن جنـبـيـــه

فــأرد : بــل قـولــوا وداعـــا للــــــــذى

نـــزع الطبيـــب القلــب مـن رئـتـيـه

( 1 ) تأثير النباحى واضح للعيان فى قصيدة الشاعر السورى المعاصر نزار قبانى التى يقول فى مطلعها :

أيظن أنى لعبة بيديه ... ... ... ... ...

وهنا تجدر الاشارة لتنبيه شباب الباحثين إلى أهمية تتبع أثر النباحى فى الشعر العربى المعاصر وخاصة لدى أعلامه الكبار ، ابتداء من البارودى ، وعلى الغاياتى ، ومرورا باسماعيل صبرى ..



[ وقال فى مجذوب ( كان العامة من أهل نباح يتبركون به ، ويتصدقون عليه ، وعندما توفى عثروا فى بيته على ثروة هائلة !) ]



على الطــريق يــمـيـنـا

وفــى الطــريـق شمـــالا

وتـــــــارة تــتــلــــــــــــــــوى

وتـــــــارة تـــــتــــــــــــــــــلالا

يـــأتى إليــك الحيــارى

فــتـــســتــثــيـــــر الخيــالا

بــهمـســة وابـتـســــــــام

وصـــــرخـــة تــتــعـالــــــى

وقــــد تــقـــــول جـوابـــا

وقـــد تـــقــول ســـــــــؤالا

ومـــــــــــــــرة هــــــــى آه

ومـــــــرة هــــى لا .. لآ

وعــنـــــدمــا تـتـلــقـــــــى

وتـسـتـقـــــــل النـــــــــوالا

تـعــطـى لـوجـهك لونـا

وتــســتـــزيـــد الخـبـــــالا

أتـــقـنـــــــــــــــــــــــــت دورك حـتــى اســـتـحـــــــال وقـتــــــــــــــــك حـــــــــــالا (1)

***

مـن شــك فـيـك تـهـــــاوى

عـليــه سـخـط الجـمـيـع

وأوســـــعــوه مـــلامــــــــــــــا

وديــــس بــــالتــقـريــــــــع

الشـيـخ .. ما الشيخ إلا

بـــشـــــــــارة بــــالربــيــــــــع

ونـجـمـة فـــى الديـــــــاجى

وجــــــذوة فــى الصـقـيـع

***

تــــأمـلـــوا عــيـنـيـــــــــــــه

وراقــــــــــبـوا خــطــواتــــــه

يـسـيـر مـن غيــر نـعل

وأكـــــــــــلـه مــــن فـتـاتـــه

وثــــــــــــــــــــــوبـه قــــــــــــــــــــــــــــــد تـمـــطـى البــــلـى عــــلى رقـعــاتـــــــــــــــه

فــإن رجـــاه جـريـــــح

أعـــــطـــاه مــن دعواتــه

***

يــوم الـوفاة .. جمــوع

أتـت مــن الأرض تسعى

لـتـنـظــر الشـيـخ ميتـــا

وتـحـمـل النعـش ضرعى

عنــد المـدافن صـاحـوا

وأمـطـروا القـبــر دمــــــعـا

***

وفـى المسـاء استفاقوا

عــلى بــــــــريـق الجــواهــر

البعـض قـال : انخدعنا

وتمتم البعـــــض : عاهــر !

( 1 ) الحال عند الصوفية مصطلح خاص يعنى حالة نفسية تتلبس الصوفى ، وتأتيه من الخارج ، فلا يستطيع لها دفعا ، وتكون لها عليه تأثيرات جسمانية واضحة . أنظر ( اصطلاحات الصوفية ) مادة ( حال ) .

 

 

 

[ وقال محاورا المتنبى : ]



قصـــدت دارك والأفــكــــار تـــزدحــــم

وحـــول دارك مــرعـى ، كـلـه غنـــم (1)

فــقـلت : أيــن أميـــر الشـعـر قـاطـــبة

(والسيف والرمح والقرطاس والقلم) ؟

قـــــالوا : تـرحل عن قوم ، وقـد قدروا

ألا يـفـــارق ، قلت : الراحـلـون هـم (2)

قــــالوا : حزيـــن بقلب الــدار منهــزم

فــقـلت : ألـقــاه عـل الحــزن يـنـهـــزم

وقـــد أســـليه عـــما يســتجـيـش بـــه

فــرحـــب الأهــل ، واستعـفى لى الخدم

فــقـلت : مــــالك يـــا أغلى جواهرنــــا

ومـــن تنـــازع فيــه العـرب والعجــم ؟

فــاهتز من وقع قولى ، واستـوى فرحـا

وقــــال : حــقا تـغـنى شعــرى الأمم ؟!

فـــقـلت : إنــــك لــم تـــذكر بقـــافـلـــة

إلا وأصـغـــى لك الركبـــــان والبـهــــم

فـــقـال : لكـــن كافـــورا تــلاعب بـــى

وسيـــف دولتـنـا أصـغـى لـمـن نـقـموا

لـــم يعطــيانى على مـــا كنــت منتظـرا

إمــــــارة ، أسـتـــوى فـيــها وأحـتـــكم

فــقـلت : مــــالك والحكم الــذى خــلقت

لـــه الذئــــاب ، وأنـت النـــاى والنــغم

أفنيت عمرك فى مـــدح اللئــــام ، ومــا

جـنـيــت إلا ســــرابا مـلـــــؤه عــــــدم

هــدرت شعــــرك فـــى مـــدح ومفخـرة

مــا المـدح والفخر إلا الحـرص والورم

فــقـال : تعـســـا لعـصـر كــان منحـدرا

وكـــــان يبـهــــرنى الآكــــــام والقــمم

فـــإن مـدحت مـدحت الرمــــز فــى ملك

وإن هــجـوت ، فــقـصـر كــــلـه رمـــم

لـكـنــهـم – والضــنا – كـانـوا جبــابرة

الحـقـــد يمـلــــؤهم ، والغــل ، والنـهم

فـــهـل لعـتـبـك أن يــرضى بـمعــذرتـى

هـتـفـت : عـفـــوا لأنت الشـاعر العــلم

إن كــــان لـومـى عـنـيـفــا .. إنـه مـقة

(قــــد ضمن الـــدر، إلا أنــه كـلم !) (3)

( 1 ) صاغ النباحى هذه القصيدة على غرار قصيدة المتنبى الشهيرة :

واحر قلباه ممن قلبه شبم

ومن بجسمى ، وحالى عنده سقم

( 2 ) يقول المتنبى فى قصيدته :

إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا

ألا تفارقهم ، فالراحلون هم

( 3 ) البيت الأخير مأخوذ من قول المتنبى فى نفس القصيدة :

هذا عتابك إلا أنه مقة

قد ضمن الدر إلا أنه كلم

والمقة : الحب . انظر : اللسان .

 

 

 

[ وقال فى انهيار مدرسة نباح ( وفيها قتل عدد كبير من التلاميذ ) : ]



سقط الجـدار على الصغار ، فروعت

فـــى الحـــى أفئــدة لــهم وقلــــــــوب

وتجمعـت حــول النـعــوش مــــــــــِـواكب

تبكى ، وتعتصر الأسى ، وتذوب

وأتــى المـقـــاول بالمعـــــــــــــاذيــر التـى

لا تنتهى ، وتقبل الملعــــــــوب ! (1)

وهمســت : مـا أهنـا الصـــــــغار بجـنة

لا ضارب فيها ولا مضــــــروب ! (2)

الــروح تســبــــــــح فـى نـعـيــم خـــــــــالــد

وقـد انتهى المقروء والمكتـوب !

( 1 ) المقاول هو المسئول عن تنفيذ المبانى ، وكان على عهد النباحى يكلف مقاولا آخر بهذا العمل لقاء أجر أقل ، وكثيرا ما كان هذا الأخير ينهى العمل بدون مراعاة للخطة الهندسية ولا الضمير !

( 2 ) البيت يشير بوضوح إلى رأى النباحى فى ( العملية التربوية ) فهو لا يوافق على ضرب التلاميذ ، وبذلك يسبق أفكار جون ديوى !

 

 

 

[ وقال فى وزير أعفاه السلطان من منصبه : ] (1)



خرج الوزير من الوزاره

فترملت فى الحى حــــاره

غـشى حوائـطـــها الأسـى

طبخت منازلها البصـــاره

ورأى الجميع وزيـــرهم

يدع الحصان إلى الحماره

ويعـــود منـكـــوس الجبيـــن ، عليـــــــه آثـــــار النشــــــــاره

فــى الليــل ، راح الشـــامتــــون يعـــللون لــــــه انكـســــــاره

البـعـض يـتـهم الزمــــــــان ، ومــا عليــــه مـــن الحقـــــــاره

والبـعـض يـهتـف إنـــــــها الأحـداث تـفتـرس المـــــــــــــهاره

والبـعـض يـرمـقه ليــعرف كيــــــف تمتــص الــــنضــــــــــاره

والبـعـض يـنـظر للأثـــــــاث الفـخـم .. ينتــــــــظر انـهيــــــاره

وتــجـئ زوجـتـــه لتـقـســـــــــــم إنــــه ( مـن عيـن جـــاره ! )

ويـظـل مـنـتـظـرا طويـلا

ثــــــــم يـبـتـلـع انتــــظاره

ويــقــــول : ليــــس كــــما تظنـون المنـــــــــاصــــب والإداره

هـى لـعبــة مجنــونة

تسـعى بــها ريــح الإثـــاره

إنى احترقت بنـارها

والمــرء تـحرقـــه شـراره

واليوم أصبح خالصا

منها ، وأعمل فى التجاره !

إلى أن المقصود بهذا الوزير هو ابن السماك ومن الواضح مدى التعصب فى هذا الزعم . أما نحن فنذهب إلى أنه ابن النجار ، اعتمادا على ما ورد فى البيت الرابع من القصيدة ، فتأمله بدقة !

 

 

 

[ وقال عن جرير والفرزدق : ]




كـان الفرزدق جالســــــا

يــوما فمر بــه جريــــــر

قال الفرزدق : ما الذى

دفع الحقير إلى الأمير ؟

فـأجــاب : بــل أنــت الحقيــر ، وأنت مغرور كبـيـــــر

أنســــابنا محفـــــــــــــوظة

وبــها نحلق أو نطيـــــر

قــال الفرزدق : كلكـــــم

هــمــل ، وعاقلكم غريـر

إنــى من القوم الألـى

سادوا وكان لهم سرير (1)

وأنــا من القـوم الألى

جمعوا البعير إلى البعير

وتهاوشــا ، وتناوشــا

وغــدا لمنطقـــــــــــهم هدير

وتـجـمـع الصبيـان مـن كل الـدروب على الصـفيــــــــــــر

وتـوقـفـت بــعض النــــساء العائــــــــــــــدات مـــن الغديــــر

واصــــطف ( بيـاع البـطاطا ) جنب ( بائعة الفطيــر )

حتـى مضى بـعض المســـاء ، وكـان فى يــوم مطيــر

دخـل الفــرزدق داره متثــــــــــــــــائــبا ، ومضى جـريــــــر !

( 1 ) المقصود : سرير الملك ، وليس بالطبع السرير الذى عليه ينام الناس .

 

 

 

[ وقال قبل وفاته بأيام (1) : ]



أحــس وقــع النهايـه

يطــوى فصول الروايه

وعـن قريـب ستـهوى

مـــــن المعــاقـل رايــــــــه

وربــما قـــال قـــــــــــوم :

قد عاش من غير غايه

وربــما قـــال قـــــــــــوم :

قضـى شهيــد الغــــوايـه

دع الجميع ، وأسرع

فالشـاى فى الغلايــه (2)

( 1 ) أجمعت النسخ الثلاثة على وضع هذه القصيدة فى هذا المكان ، وكان بودنا أن نضعها فى نهاية الديوان لمناسبتها هناك ، لكننا احترمنا ترتيب النسخ المخطوطة .

( 2 ) هذه أول إشارة ترد فى الأدب العربى القديم عن تقديم الشاى . وينبغى أن يعمل لهذه الملاحظة ألف حساب ، وخـــاصة عندما تجرى دراسة شعر النباحى على المستوى الانثربولوجى ، وتبادل العادات بين الشعوب والحضارات .

 

 

 

[ وقال محاورا أبا العلاء المعرى ] وهى من روائعه :



يـحــاورنى فى سجنـــه ، وأحــاوره

وهل يعدم الأعمى صديقا يســــامره

وأى عمى هــذا الذى كـــان كـاشفــا

مفـتحة أبـــــصاره ، وبـــصائــــــره

تــأمل فــى الدنيــا ، فأدرك ســــرها

وكل خبـــىء ، لا تـــدوم ســرائـــــره

ووازن أفــعال الرجـــال ، فلم تـــكن

سوى عبث ، واللهو تعشى مظاهره (1)

وشــاهد فى بغداد ســوقـا عـجـيـبــة

بـــها الشعـر يشـــرى جلده وأظافره

فـعــاد إلى أرض المـعــرة نـافــضـــا

رغـــائبـه ، والقلب تدمى مشــاعره

ولازم بـيـتـا صــار سـجـنـا محبـبـــا

تـــحيـــط بــــه أفـــكاره وخواطـــره

إذا زاره ظــــام إلى بـعـض عـلـــمـه

أفــاضت عليـــه سحبــه وقنــــاطره

وإن لــم يـزره .. طار للأمس عاليــا

يحــدث مــــن يهفــو لـه ، وينـاظره

تشكلت ( الغفران ) من فيـض لمحه

سـمــاوية ، غنت عليــــها مزاهــره

وحـــاول أن يـعطى الجميــع دلالـــة

بــأن حصـــان الشعــر يخلد قـاهــره

أقـــول لـــــه : لـكـن ليــــلك دائــــم

يــقول : وهــل للفجر باب أبـادره ؟!

أقـول : وخفق الحب ؟ يسكت ساعة

وتســبح فى صمت المكان مبـــاخره

إذا كنت لــم أسمع صداه ، فصـوتــه

تـــزلــزلــنى فـى كل وقـت أوامــــره

هـفــوت إليــه ، غيــر أنى حرمتـــه

وهل يصدح المحروم والجوع كاسره

أقــول : وإهــدار الأبـــوة ؟ لا يــرى

بـذلك عيبــا ، فالعيــوب تحاصره (2)

أقــول : وهـذا الشك ؟ يسرع قائـلا :

وأى فــــؤاد تستـــقــر خـــــواطـــره

إذا كـــان إيـــمان العــــوام دجـاجـة

فــإن يقينى ليـــس تهــــدا كواســره

أقـــول : لقد ألزمــت نـفسك بـــالذى

ترخص ، والإنـسان يعجز طائره (3)

يـجيب بــأن الشعـر لا يـمـنـــح الذى

يــظل على شـــط النـجــاة يــــداوره

ولكنه يعطى لمن خــاض فـى الأسى

وأوغـل فى الآلام ، والمـوج عاصره

أقـول : لقد حيــرت مـن رام فهــمكم

يقول : أنــا الحيران ، ضلت نواظره

لقد عشت لا أدرى ، فماذا يضيركم ؟

أنــا الليــــل مســدول عليــه ستائره

تغربت عن عصرى ، وما كنت نادما

وقد يهلك العطشان ، والماء حاضره

إذا كان بعض الناس أغلى بضاعتى

فما كان قصدى أن تزيد خسائره ! (4)

( 1 ) فى س : مناظرة

( 2 ) المقصود بإهدار الأبوة : عدم إقباله على الزواج ، حتى لا ينجب أطفالا يتعذبون مثله ، والإشارة هنا إلى بيته الشهير :

هذا جناه أبى على وما جنيت على أحد

( 3 ) الإشارة هنا إلى طريقة ( لزوم ما لا يلزم ) التى اتبعها المعرى فى ديوانه الكبير اللزوميات .

( 4 ) تحسم خاتمة هذه القصيدة الجدل الدائر حول المعنى الحقيقى لأشعار المعرى المحيرة ، فضلا عن أنها تلقى الضوء على ما كان يتمتع به النباحى من مقدرة على الغوص فى نفسيات شعراء العرب الكبار .

 

 

 

[ قال فى رثاء حماره : ]





نفق الحمار ، فمن أصاحب

وأخل بى زيــــــن الركائب

وبـقيــت وحــدى فــوق قــارعــــة الطـريـق كظــل راهــــب

أمشــى فتعثـــر خطــوتـى

أعيا ، فلا أجــد المصاحب

وأشـــيـــر للركـــبـــان لا يتــــلـفــــتــون ، ولا مجـــــاوب !

***

كـــان الحمـــار سفينــتـى

تجتاز بى أعتى المـــصائب

ويــقــلنــى بــــكــفـــاءة

ويشــيل مختـــلف الحقائـب

وإذا شعــرت بــوحــدتى

حدثــــتــه عـــمـا أغـــالــب

فيــظــل يسـمـعـنـى بــــلا ضــجـر ، ويـجتنــــــب المقـــالــب (1)

***

كــان الحــــمار يحـــس مثــــلى بالصعــوبـة والمصـــــاعب

ولطـــــالما هــطلت مدامـــــعـــه على ذكــــــر الرواتــــــــب

ورثــى لضـعــف وســائــــلى عـــــما أروم مــن الرغــــائب

***

كـــــان الحمــــار مثقفـا

من طول ما شهد العجائب (2)

وتـــشــــــد أذنـيــــه أحــــاديـــث الجــوائــــز والمنــــــاصـــب

وإذا رآنـــى غاضبــا

ألقــى بنظــــرتــه يعــــاتــــب

وكأنـــــما يفضـــى إلى بـــــأن هـــــــــــذا العصر ( ضـارب ) (3)

وبـــأن أحكـــام الزمــان على المــــــــواهب ( ضرب لازب ) (4)

وبــأن أغنية السقــــوط تـــقول للبنــــــــــاء ( حـــــاسب ) ! (5)

وبـــأنـــهـم يتـــهافــتــــون مــواكــــبا تــتـــــــلو مــواكــــب !

***

بـــالأمــس لـم يـذق الشعيـــــر ، وكـــان منتفخ الجـــــوانب

وبـــدا كــــأن به اكتئابا

والكـــــآبـــة لا تـــغــالـــــب

حــاولت أن أمضى بــه

فــى نـــزهة بيـــن الملاعب

فأبى المسير ، ولم يكن

يــأبى ، وفضــل أن يـراقب

ومع الصبــاح وجدتـه

ملقى ، على إحدى المصاطب

أخــرجتــه ، ودفـنـتــه

وتــركتـــه ، والدمــع غـالب

أصبحت وحدى فى الطــــــريق ، وليس لى فى الدرب صاحب !

( 1 ) المقالب هنا جمع مقلب ، والمقصود بها أكوام القمامة العالية التى تعترض طريق الراكب والسائر على السواء .

( 2 ) ورد عند الجاحظ فى كتاب ( الحيوان ) وصف كل من الديك والكلب بأنه مثقف أو ذو ثقافة . والمقصود بذلك أنه ماهر فى أداء العمل . أما وصف الحمار بالثقافة عند النباحى فيقترب كثيرا من المعنى المعاصر لكلمة مثقف !

( 3 ) ضارب : غير منضبط العقل ، ولا منطقى التفكير .

( 4 ) ضرب لازب : صدفة .

( 5 ) حاسب : فعل أمر بالتوقف أو التنبه .

 

 

 

[ وقال فى مطرب ردئ : ]



سمعناه على مضض

ولم يرحم لنا أذنا

وظل يمط فى الموال

طول الليل مفتتنا

وحين رأى مواجعنا

توقع صوته سكنا

ولــم يلحـــظ بــــــــأن غنـــــاءه المرذول يجلدنـــــــا

ويعصرنا ، وينفخنا

ويملأ صدرنا حزنا

ويجعلنا نشق ثيابنا

ونخاصم الزمنا (1)

( 1 ) فى ديوان الشاعر الرقيق أحمد الزين قصيدة مماثلة عن مطرب ردئ ، ويقال إنه كان شهيرا جدا ، دعاه إلى سماعه أحد أصدقائه ، وهو يقول فى آخرها ، متهكما على صديقه الذى سبب له هذا الإزعاج :

جزى الله المغنى كل خير

عرفت به عدوى من صديقى !

 

 

 

[ وقال لا مباليا : ]





خلعت فى الدرب ثوبى

وسرت عريان وحدى

تجمع النـــاس حولــى

واستــــغربـــوا للتحدى

البــعـض أنــكر فعلــى

وحرف البعض قصـدى

وليـــس إلا عجـــــوز

تـكـلـمـت دون نــــقـــد :

" دعوه يــلبس شيئا

فــقــد يصــاب بـبـرد "

 

 

 

[ وقال فى فقهاء عصره : ]



النـاس فى خوف مـن النيران

وأراكمو تمشـــون فـــى اطمئنــــــان

وكأنــــما للغـــالبية ( مـــالك )

ولكم ضمان الخلد من ( رضوان ) !

متفتحين على الحيـــاة بـكل ما

فيـــــها مـــن الأصنــــاف والألـــوان

فـــإذا سألنـــاكم حكمتم أنــــها

نـجــس يفيــــض بــلعنة الشيـــــطان

إنى لأعجب مــن قفاكم ينحنى

ويـــظل منتظــــرا يــــد السلطـان (1)

فإذا قصدتم نحونا ، فوجوهكم

مشــــــدودة ، ولــــكم قنـــاع ثـــان !

***

وتطالبون النـاس أن يتقشفوا

ولــــكم بــــــكل وليمــــــة كـفــــان !

تفتون فى شتى الأمور بغلظة

لا تــلتــقــى وسـمــــــاحة القــــــرآن

أين البساطة والنقاوة والتقى

أيـــن امتــــلاء القلــــب بالإيمــان ؟!

ويغيظنى منكـم كزازة بخلــكم

ودعـــــاؤكم فـى النـــاس بالإحســان

إنــى أراهــن أن أرى متفقها

يــعـطــى فقيــــرا ، أو يرق لعـان (2)

وكأنما صيغت قلوب من ندى

وتـكــونت أخـــــرى مــن الصــــوان

( 1 ) فى س : من السلطان .

( 2 ) اشارة النباحى إلى بخل الفقهاء اشارة فريدة تستحق مزيدا من الاستقراء للتثبت من صحتها .

 

 

 

[ وقال فى الصداع الذى كان يلاحقه: ]



ينســل فى صــــمت ودون إشــــارة

فكـــأنـــه ســهـم مــن الأقــــدار

يحتـــل رأسى غازيــــا بجيــــوشــه

ويشتت المخــزون مـن أفكارى

لـــو أستطيـــع قطعت رأسى فديـــة

لكنــــــه متشبــــث بإســـــــارى

يلقى على عينــى شبــه عصـــابـــة

ويشك أعصــابى بمثل النــــــار

ويغوص وجهى فى الوسـادة علنى

أنجو ، وهل ينجو طريد الثار ؟

جربـت أعشـــاب البــرارى كلـــها

وشربت أدوية مـن الصبـــــــار

وتــظل دقـــات الصـــداع عنيفـــة

وأظــــل ملقى تحت سقف الدار

حتى يفـــاجئنى الصبــاح بنــــوره

ويعود لى بعد العذاب قرارى !

 

 

 

[ وقال فى شعراء عصره : ]

 


أيها السائرون فى موكــــــــــــب الشعر سلاما ، إذا قبلتم ســــلامى

لحظة .. قـــد تثيركم كلمــاتى

لحظة .. قــــد تهــــزكــم آلامـــــى

إنكم تجهدون من غير جدوى

إنــكم تـعـلـقـــــون بــالأوهــــــــام

كلكم يدعى البراعة فى النظم

ويـنـســى شـــــــرارة الإلـــــهـــام

كلكم يشتم الزمـــان ، وينسى

أنـــــه عــــــالــة علـــى الأيــــــام

كلكم يركب المديـــح حصانـــا

ليـبـيـع الحكــــام بعض الكـــــــلام

كلكم يطرق الهجاء ، ويسعى

فى صحيح الأعراض سعى الزكام !

وإذا مـــا رثى ، بكى بدمــوع

تـسـتـــــدر النـــدى مـــن الأيـتـــام

قد أحلتم شبــــابـة الشعر فخا

لاصطيــــاد الدينـــــار بـــالأنــــغام

خلق الشعر.. للصبابة ، والبوح

وذوب الـــــوجـــــــــــدان ، والآلام

خلق الشعر.. للقيادة ، والرفض

وشـحـن القــلـوب ، والإقــــــــــدام

خلق الشعر طائــــرا يتهــــادى

فــــــــوق هذى الجبــــــال والأكـام

فقصصتم جنــــاحـــه زيـنـــات

وجـعـلـتـــــم منـقاره فــى الرغـــام

***

أصبــح الشعر لا يحــرك قلبا

لا .. ولا يـنـتـهــى إلى الأفـــــــــهام

صار لوكا من الكلام المقفى

وغثـــــــاء يـأتـيــه أى غــــــــــلام

وسراعا إلى المحافل تمضون

كمثـــــــل الكلاب نـحــــــو العـــظام

كلكم يدعى التفرد ، والسبق

ويـــــــــــدعو لنـفـســه فى الظــلام !

يشبه الشــــاعر المتيم منكم

بهلوانا ، مهرجا فى الزحــــــــــــام

همه أن يصفق الناس حتى

ولــو اهتـــــز مثل فرخ النـــــــــعام

أيــــــها الشـــــــاعرون ..ما أتفه القول،إذا كان صادرا بدون احترام

أيـها الشــاعـرون.أنتم بعصر

لــم يعـــــــــــد مصغيــــا لهذا الكلام

 

 

 

[ وقال فى طائفة لم يحددها .. ويبدو أنه يقصد حكام عصره : ]



الفكر تحت غباء السيف مهروس

والبول خوف حلول المـــوت محبوس

لكننى والردى جاث على كتفى

صرخت ، والصدر بالأحزان متروس

حسبى من العمر أنى لم أنل فرحا

وأن قلبى على الأيــــــــــام موكـــوس

وأن بوح الأمانى فى مــــرابعكم

ضرب من العار.. مهدور ، ومطموس

تراقبون شفاه الناس إن نطقت

ومن مفاخركم فى الكبت قامـــــوس !

أنيابكم فى ضلوع الناس ناشبة

وسمكــــم فـــى طعام الناس مدسوس

وتنخرون عظام الناس فى شره

لا يبلغ الــــدود ما تأتون ، والسوس

فى كل نازلة من فعلــــــكم سبب

وكل ثوب لكـــــــــم فى خرقه موس !

تشبثت منكمو الأرواح فى عرض

والتاج فى الدهر مــــخلوع وملبوس

يظن واحدكم أن الخلـــــــــود له

وأنه من سهام المـــــوت محــروس

يقعى على العرش مشدودا به أبدا

كأنـــــــه ضفدع بالجـــن ملمــــوس

وحوله زمرة تشدو مدائـــــــحه

وعقلـــــه من طبول المدح ملحوس

وإن دنا ناصح من أذنه جحظت

عينـــــاه .. حتى كأن النصح دبوس

***

عجبت للأرض تلقى من مصائبكم

ويستمر بهذا الوضـــــع نامــــــوس

فى أى ناحية يممـــــت .. لا أمل

فالليــــــل مشتمل ، والنـــــوم كابوس

كم انتظرت مواعيدا فما صدقت

وكيف يصدق فى الأوهام محسوس ؟!

 

 

 

[ وقال فى أحد المماليك المكلفين بجمع المكوس : ]



أنت فوق الحصان ، فوق الرؤوس

شامخ ، هازئ بكل النفـــــوس

تتهــــادى فى نفخـــــــة وتعال

تتلقى ابتسامنا بالعبــــــــوس

وعلى صدرك النياشين تبدو

لامعـــــــات ، كأنها لعروس !

غير أن الكرباج فى الكف يدوى

حين يهوى على ظهور التيوس

عرف الناس أن بطشك مر

فاتقوا مره بدفع المكـــــــوس

ورضوا بالهوان فى ظل سيف

سلـــم الدهــــر غمده لخسيس !

 

 

 

[ وقال متفلسفا : ]



نظرت للــــعمر يجرى

كالماء بين الأصــــــابع

والموت يحصد حصدا

وليس للمـــــــوت رادع

وكلما قلــــــت : مهلا

هوت على المقــــــــارع

وأسرع النــاس حولى

وشــــــــــدنى ألف دافع !

***

عاودت نفسى وجهدى

قفزت مثل الضــــــفادع

وعندمــــا جئت أشرى

ما عاد فى السوق بائع !

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy
آخر تحديث الاثنين, 22 ديسمبر 2014 22:44