عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
من اسرار التفوق الامريكى صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الأربعاء, 01 مايو 2013 13:44

من اسرار التفوق الامريكى

ا.د.حامد طاهر

 


احسب ان احدا لا ينكر مظاهر التفوق الامريكى فى شتى مظاهره: العسكرية والسياسية والاقتصادية والعلمية والاستخباراتية.. الخ ، فاذا حاولنا بحث اسرار هذا التفوق وجدناها كثيرة ومتنوعة ، بعضها مادى يرجع الى طبيعة الارض الغنية التى تشغلها امريكا ، وبعضها الاخر بشرى يتصل بكفاءة الافراد الذين استوطنوا هذه الارض ونجحوا فى تعميرها .

واريد فى هذا المقال ان اتناول كفاءة الامريكان ، ليس من ناحية حبهم للعمل ، وميلهم للمغامرة ، وتشجيعهم للتجديد ، وتكريمهم للمبدعين ، وانما من ناحية خلفيتهم الفكرية والفلسفية المستقرة فى عقولهم ، والتى تنعكس بالضرورةعلى حياتهم النشطة التى تفاجئ كل من يزور امريكا ويرى مدنها تموج بالحركة والحيوية بالليل كما بالنهار .

ومن المعروف ان هذه الفلسفة تسمى ( البراجماتية ) ومؤسسها هو وليم جيمس (1842 ــ 1910 ): فيلسوف امريكى استوعب التراث الفلسفى السابق عليه ، وتاثر ببعض اعلامه وافكاره ، لكنه ظل مرتبطا بالواقع، فلم يحلق فى نظريات مجردة ، او اراء لا يمكن تطبيقها ، وانما قام باستخلاص نظرية فلسفية تقوم على اساس ان الفكرة الصحيحة هى ما يمكن تطبيقها فى الواقع لخدمة الانسان ، وبالتالى فان الفكرة الخاطئة هى التى لا يمكن تطبيقها فى الواقع ، وامتدادا لذلك فانها اذا طبقت تضر بمصلحة الانسان .

وهكذا استبعد وليم جيمس من فلسفته كل الافكار الهلامية التى تناقش امورا ومسائل لا يمكن للعقل الانسانى ان يصل اليها فضلا عن ان يتحقق من صحتها . ولكى يوضح ذلك اشار الى مسالة وجود العالم او نشاته التى انقسم الفلاسفة حولها الى فريقين : فريق يري ان العالم نشا بالصدفة نتيجة اجتماع ذرات كانت متناثرة على نحو معين ثم تطور عبر ملايين السنين الى الوضع الذى نراه عليه حاليا . ؤيذهب الفريق الاخر الى ان العالم انما انشاه اله حكيم قادر ، وهذا ما اكدته كل الاديان السماوية . وعندما يفحص وليم جيمس هذين الرايين يقول اننا لا يمكننا بعقولنا الانسانية ولا بوسائلنا العلمية ان نغوص فى الماضى السحيق للوقوف على حقيقة هذا الامر ، لذلك علينا ان نترك هذه المسالة ونتجه مباشرة لمواجهة العالم الموجود حاليا كما هو : ندرس ظواهره ، ونستفيد من خيراته لمصلحتنا ، بدلا من النقاش والاختلاف حول مسالة عويصة او مستعصية على العقل الانسانى .

ان فلسفة وليم جيمس تستبعد الجدل العقيم اى الذى لا يؤدى الى نتائج محددة ، والمسائل التى لا يستطيع العقل الانسانى بقدراته ووسائله ان يثبت صحتها فى الواقع ، وهذا هو السبب الذى جعل الفلاسفة السابقين يختلفون ويتصارعون حولها بدون فائدة، ومن الممكن ان يستمر غيرهم كذلك الى ما لا نهاية .. ولو انهم وجهوا عنايتهم لبحث الواقع الذى يحيط بهم ، واستخلصوا منه النتائج المفيدة لوفروا علينا وعلى انفسهم هذا العناء الفكرى ، ولقدموا للانسانية افكارا اكثر جدوى من الناحية العملية .

وبالنسبة الى وضع الدين فى اطار هذه الفلسفة ، يؤكد وليم جيمس ان الدين ضرورى للانسان بمقدار ما يجعله مرتبطا بعالم اسمى ، يفرض عليه اخلاقيات فاضلة ، ويزوده بامل فى المستقبل ، ويحثه على الصبر الذى يساعده على تحمل مصاعب الحياة والتغلب على عقباتها . لكن الدين ليس جدلا وصراعا وخلافات بين علمائه ومن خلفهم الاتباع ، وانما هو تجربة انسانية يعيشها بعمق كل انسان متشربا ما فيها من عصارة روحية مركزة ، وهو باختصار من الوقائع الموجودة بالفعل فى حياة البشر ، يقدم لهم خدمة عملية هامة.

هذه هى الفلسفة المستقرة فى عقل الشعب الامريكى ، والتى ينبغى ان يلم بها كل من يريد ان يتعامل معه . ومنها يمكن ان نفهم ونفسر فى نفس الوقت سلوكه الذى يتصرف به وقراراته التى يتخذها . لكن قد تكون هناك بعض التجاوزات او حتى الانحرافات ، لكن يبقى ان البراجماتية تصل الى المطلوب من اقصر الطرق ، وتستعين بالمنهج التجريبى فى التحقق من صحة الافكار ، وتستبعد الجدل والمناقشات النظرية اتلتى تستهلك الوقت والجهد ، وتؤكد على ما يخدم الناس فى حياتهم العملية .. وليس كما شاع عن هذه الفلسفة فى ثقافتنا المصرية والعربية انها فلسفة نفعية خالصة !

ـــــــــــــــــــــــــــــ

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy
آخر تحديث الأربعاء, 01 مايو 2013 14:04