عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
الشيخ ونصيحته صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الأربعاء, 17 أبريل 2013 01:51

الشيخ ونصيحته

( قصيدة نثر )


كان الشيخ جالسا فى المسجد

مستندا على أحد أعمدته الرخامية

وبيده مسبحة طويلة حبّاتُها من خشب الصندل

أما لحيته الممشوطة جيدا فكانت فى بياض الثلج

وحول وجهه استدارت هالة من ضوء القمر

اقتربتُ منه بهدوء

وسلمتُ عليه مقبلا يده اليمنى

ربتَ على كتفى بيده اليسرى

وأشار إلى أن أجلس فى مواجهته

كانت فرصة نادرة ..

أن اجده وحده بدون مريديه الذين يحيطون به

وكذلك بدون أصحاب الحاجات ،

الذين يزدحمون دائما حوله

نظر إلىّ بعيون مستديرة ولامعهْ

نظرة كلها عطف وشفقهْ

وأشار إلى أن أجلس فى مواجهته

كان يعنى ذلك أنه يسمح لى بالكلام

أسرعت قائلا :

- أنا مرهق جدا يامولانا !

انتظر حتى اشرح

قلت :

- لقد تتابعت علىّ المصائب ، وانسدتْ كلُّ الطرق

ولم أعد أُطيق رؤية الناس

تصوّرْ يامولانا أنني كثيرًا ما أتسلل

إلى احد الكهوف بجبل المقطم

وأجلس فيه الساعات الطوال ..

وأقسم إننى أشعر هناك ببعض الراحهْ

لكننى حين أنزل إلى المدينة ، وأستقر فى بيتى

يعود كل شىء إلى ما كان عليه !

* *

أنصت الشيخ إلى كل ما قلته بألفاظى المتعثرهْ

لاحظتُ أنه لم يفاجأ

لكنه ظل صامتا لفترة طويلهْ

ثم أمسك بيدى ، وقا ل :

- مشكلتك يا بنى ليست صعبهْ

أسرعت مقاطعا :

- كيف يامولانا ، وقد كد ت أقدم على الانتحار !

انتفض غاضبا ، وقال :

- حاشا لله .. لا تلفظ هذه الكلمة أبدا

واستعذ بالله منها ..

أطرقت فى الارض مستغفرا

وبعد أن عاد إلى هدوئه ، قال :

- أنصت إلى جيدا يا بنى

إن ما يمر بك هو مجرد ابتلاء

هل تعرف معنى الابتلاء ؟

إنه الامتحان الإلهى الذى يفرز بعض البشر من بعض

ومنه يعلم مستوى انسا نيتهم ومقدار تحملهم

ثم يكافئهم على ذلك :

إن لم يكن فى هذه الدنيا الفا نيهْ ،

ففى الآخرهْ ..

* *

وجدتنى وهو يذكر كلمة ( الآخرة )

أُشرف على فضاء شاسع

تتحرك فيه كائنات لم أشهد مثلها من قبل

وظل الشيخ يتحدث ، وأنا سارح فى ملكوت آخر

ورحت أري فى العمود الرخامى الذى يستند عليه

طيورًا خضراء ، وزرقاء ، وصفراء ..

تتماوج صعودا وهبوطا فى الهواء

حتى أن بعضها كان يحط على كتفى !

وتعجبت كثيرا من اطمئنانها إلىّْ ، وأُنسها بى

وتمنيُت أن أظل معها طوال الوقت ..

ترك الشيخ يدى ، فانتبهت

سمعته يقول لى :

- اتفقنا يا بنىّ

افعل ما أوصيتك به

وقم على بركة الله ..

- بماذا أمرنى ؟

لا أعرف

وماذا كان حديثه الطويل لى ؟

لا أذكر

نهضت وأنا أحس بأن شيئا قد مسّ روحى

ورحت ألمس بيدي كل شىء أمر به

وأنظر فى وجوه الناس ، فأراها تبتسم

وحاولت جاهدا أن أفكر فى المصائب التى وقعت لى

فلم أعد أجدها ثقيلة وضاغطة كما كانت !

* *

بعد ثلاثة ايام

توجهت إلى المسجد لكى أشكر الشيخ

لم يكن هناك مسجد ، ولا شيخ ..

***

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy
آخر تحديث الخميس, 20 يونيو 2013 22:58