عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
أدب الطبيب صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الجمعة, 13 سبتمبر 2019 14:42


أدب الطبيب


فى حضارتنا الإسلامية كنوز ، ظهر بعضها ومازال بعضها الآخر مطمورا فى تنايا المخطوطات . والمخطوط كما نعلم كتاب نسخه صاحبه ، أو أحد تلاميذه بخط يده ، على ورق قديم ، وبخط يختلف قليلا أو كثيرا عما نكتب به الآن ، وظل حبيسا فى إحدى المكتبات ، دون أن يعتنى به أحد الباحثين المحدثين لكى يخرجه من حالته المخطوطة ، ويدفع به إلى المطابع الحديثة لكى ينشر بين الناس .
**
ويعلم الخبراء فى هذا المجال أن هناك مئات الآلاف من المخطوطات العربية والإسلامية التى تتطلب حركة علمية كبيرة لبعثها من جديد ، حتى نتعرف منها على تاريخنا الثقافى والحضارى ، ونتواصل بها مع ماضينا الزاهر ، لا لنعيده مرة أخرى ، فإن الماضى لا يعود ، وإنما لكى نواصل مسيرتنا على هداه . 
**
من بين هذه المخطوطات كتاب بعنوان ( أدب الطبيب ) ألفه علي الرهاوي فى القرن الثالث الهجرى ، الذى يقابل القرن السادس الميلادى ، أى منذ ما يقرب من ألف وأربعمائة سنة .. فماذا يوجد فيه ؟ يقدم المؤلف مجموعة من التعليمات والآداب التى ينبغى أن يتحلى بها الطبيب وهو يتعامل مع المرضى .
**
فمن ذلك أن يعتنى جيدا بنظافته الخاصة ، ومظهره العام ، وأن يتجنب فى نفس الوقت كل ما يؤذى الآخرين حتى ولو كانت رائحة فمه ، لذلك ينصحه بعدم أكل الثوم أو البصل حتى لا يشم منه المريض ريحا كريها .
**
ومنها أن يحافظ دائما على سلامة أدواته وصيانتها ، لكى لا تتسبب فى إحداث أمراض جديدة أو تنقل العدوى من مريض لآخر .
**
ومنها أن يهتم جيدا بتشخيص حالة كل مريض ، وأن يخصص لذلك ( تذكرة ) يكتب فيها اسم المرض وأعراضه ، ثم يحدد اسم الدواء الذى ينصح به ، وذلك لكى يسترشد بها فيما بعد ، أو لكى يسترشد بها طبيب آخر قد يأتى من بعده . 
**
ومنها أن يعامل المرضى بالرفق واللين ، حتى يتعرف منهم على الأسباب الحقيقية لأمراضهم . فإن المريض هو أعلم الناس بنشأة الداء فى جسده ، وتطوره ، وأعراضه ، وآثاره المباشرة والجانبية . كما أن هناك أمراضا عضوية ترتبط بأمراض نفسية ومن هنا كان التعرف الجيد على المريض سبيلا إلى العمل على شفائه .
**
ومن أهم النصائح أن يتعرف الطبيب أيضا على أسرة المريض ومن يعيشون حوله ، وأن يختار من بينهم الشخص المناسب لكى يكلفه بإعطاء الأدوية له فى الأوقات المناسبة ، وبالجرعة المحددة ، دون زيادة أو نقصان ، ودون خطأ أو إهمال . وهو يشير هنا إلى أمر هام ، فقد يكون العلاج جيدا ، ولكن أهل المريض لا يكونون على المستوى الثقافى الذى يؤهلهم لمتابعة علاجه ، ذلك أن المريض لا يدرك بنفسه الأوقات التى يتناول فيها الدواء ، فأحيانا ما ينام أو يذهب فى غيبوبة ، ولذلك لابد من توعية أهله بذلك .
**
ومنها أن يتأكد الطبيب جيدا من عينات البول وأنها مأخوذة بالفعل من المريض . وهنا يذكر المؤلف بعض النوادر المضحكة ، فقد لاحظ ذات يوم أن عجوزا أحضرت له زجاجة كبيرة فيها بول ، وعندما سألها عن كثرته بهذا الشكل ، قالت إن سيدتها وعددا من صواحبها كلفنها بإرسال عينات إلى الطبيب ، وعندما وجدت الزجاجات كثيرة ، فقد وضعت العينات كلها فى زجاجة واحدة كبيرة !
**
ومن أجمل النصائح أن يواصل الطبيب مداومة الإطلاع على كتب الطب ، ومجالسة كبار الأطباء حتى يتعلم منهم . فإن الطب علم يقوم على تراكم التجارب ، لذلك ينبغى أن يتوافر الكثير منها لدى الطبيب ، إما من خلال عمله ، أو من الإطلاع على تجارب الآخرين ممن يزيدون عليه فيها .
**
أما النصيحة التى توقفت عندها كثيرا فهى التى تدعو الطبيب إلى صيانة نفسه عن طلب المال ، وعدم تهافته على جمعه وتكديسه . لأن ذلك ( يزرى ) أى يهبط بمكانته بين الناس ، ومع ذلك فهو يؤكد للأطباء الجدد أن المال سوف يأتى فى النهاية ، لأن مهنة الطب مطلوبة دائما ، وأن الناس فى حاجة مستمرة إليهم . لذلك إذا كان الطبيب يعالج الكثير من الفقراء ، فإن شخصا ثريا قد يعطيه أضعاف ما يأخذه من هؤلاء الفقراء .
**
وأخيرا .. ألست معى فى أن هذا الكتاب الذى يبلغ عمره 1400 سنة ، يصلح لنا وللأطباء فى أيامنا الحاضرة ؟!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy