عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
طفولتي في رمضان صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الجمعة, 13 سبتمبر 2019 14:28


طفولتى فى رمضان


كانت ليالى رمضان أجمل وأروع وأحب لحظات طفولتى . وبعد أربعين سنة أتاحت لى الظروف أن ألتقى ببعض أصدقاء تلك المرحلة الجميلة من العمر ، ورحنا نتحدث عن ذكرياتنا وما تحتوى عليه من شخصيات وأماكن ومواقف ، فوجدتهم مثلى تماما يعتبرون أنهم لم يشعروا بعد ذلك فى حياتهم ــ التى تشعبت بها الدروب ــــ بمثل جمال تلك الفترة الطفولية البريئة . لماذا ؟ لأننا فى تلك المرحلة كنا نشبه حبّات الندى المتساقطة من السماء فتتلقفها على الفور أوراق الشجر ، وتحفظها بالتالى من الوقوع على الأرض ، المليئة بالتراب والطين والملوثات ..
**
فى تلك الفترة كان ارتباطنا ببعض ــ نحن الأطفال ــ أقوى مما تتصوره عائلاتنا . فعلى الرغم من الأوامر المشددة التى كانت تلقى إلينا بعدم تجاوز مدة معينة فى اللعب مع بعضنا ، كنا نتجاوزها غير عابئين بالعقاب الذى كان يبدأ باللوم ويصل لقطع المصروف ، وينتهى أحيانا بالضرب . والذى لا يعلمه الكبار عن حياة الأطفال أن هؤلاء لهم عالمهم الخاص ، الذى ينتظمون فيه حسب أعمارهم وكفاءاتهم ، وأنهم يقسمون الألعاب فيما بينهم تماما كما يقسم الكبار الأعمال بينهم ، وأنهم يحترمون نظامهم الخاص بهم احتراما يفوق احترام الكبار للقانون . ثم الأهم من ذلك كله ، أن رابطة الحب التى تجمع أولئك الأطفال تتميز بعدة سمات أهمها العمق ، والتفانى ، والقبول الكامل بالتضحية من أجل الآخرين ..
**
عالم الطفولة يحتوى أيضا على منغصات . فهناك التنافس الذى يصل إلى حد الشجار ، وهناك الحسد الذى يتجاوز نطاقه النفسى ليتحول إلى الإيذاء البدنى . وكثيرا ما كسر بعضنا لعب بعض ، أو مزق أحدنا ملابس غيره لأنها كانت أفضل من ملابسه . وهناك المقالب التى كانت أحيانا تتجاوز الحدود فتستدعى تدخل الكبار ..
**
ومع ذلك كله ، تبقى ليالى رمضان هى أروع إطار كانت تتحرك فيه طفولتنا : الفوانيس ، ولعب كرة الشراب ، والمسابقات التى كانت تشتمل على إلقاء النكت ، ومحاكاة المطربين ، وحل الفوازير ، ثم الأمانى التى لم تكن لها حدود : أنا أريد أن أكون ضابطا ، وهذا يريد أن يكون مهندسا ، وذلك يرغب فى أن يكون من رجال الأعمال . وأتعجب الآن ، لماذا لم يرغب أحدنا أن يكون مدرسا ؟! ربما لأننا كنا نرى ونلاحظ ما يعانيه المدرسون معنا ، وإلى أى مدى كنا نرهقهم ولا نتركهم إلا وهم ساخطون علينا .. لهذا أدركنا عندما كبرنا لماذا وصف أحمد شوقى المدرس بأنه يكاد أن يكون رسولا ، بمعنى أنه يتحمل رذالات التلاميذ كما تحمل الأنبياء والرسل عليهم السلام سخافات أقوامهم وهم يدعونهم للهداية .
**
ومما أذكره من طفولتى فى رمضان أن الحب الأول ، وهو الأعمق رسوخا فى القلب ، قد بدأ وتطور خلال هذا الشهر الكريم . وقد كان لكل فتى منا فتاة يحبها ، ويفخر بين أصحابه بجمالها ورشاقتها . وكانت اللقاءات التى تجمعنا تسودها الألفة وروح المودة ، وكثير ما كانت الفتاة تطلب من رفيقها أن يصحبها لشراء بعض حاجيات منزلها ، فيسرع إلى الذهاب معها ، محاطا بنظرات الغيرة من باقى الصحاب !
**
وعموما ، فقد كانت طفولتى فى رمضان من أجمل لحظات عمرى على الإطلاق ، كما كانت كذلك بالنسبة لجميع أصدقائى الذين التقيت بهم مؤخرا ، وأجمعوا كلهم على ذلك . فهل هى الآن بالنسبة لأطفال اليوم ؟ .. كنت أتمنى أن تكون كذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy