عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
حماية اللغات صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الجمعة, 23 أغسطس 2019 14:46

 

حماية اللغات

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


تعتبر اللغات من أهم العناصر المكونة لشخصية المجتمع ، كما يعد تمسكه بها مؤشرا على مدى حرص المجتمع على تماسكه الوطنى واعتزازه بشخصيته بين سائر المجتمعات . وبالطبع لا يعنى حرص المجتمع على لغته انغلاقه عليها ، بحيث لا يتعلم لغات أخرى ، بل إن معرفة اللغات الأجنبية يؤكد اللغة القومية ويدعمها .. بل إنه يثريها ويجعلها أكثر تدفقا وحيوية . وهناك بعض المجتمعات تتعدد فيها اللغات مثل سويسرا ، دون أن يفقد المواطن السويسرى شيئا من هويته ، كما أن الألمان يجيدون إلى جانب لغتهم اللغة الإنجليزية ، ولم يقل أحد فى يوم من الأيام إن الألمان غير متماسكين لغويا أو وطنيا . وفى تاريخنا القديم ، كان الكثير من علماء العرب وأدبائهم يجيدون إلى جانب اللغة العربية اللغة الفارسية .
ومن المشهور فى العالم أن الفرنسيين من أحرص الشعوب على لغتهم ورغبتهم فى ازدهارها داخل بلادهم ، وكذلك فى مختلف أنحاء العالم . ومع ذلك فقد اضطروا أخيرا إلى تعلم اللغة الإنجليزية باعتبارها حاليا هى اللغة العالمية . وفى اجتماع شيراك وبليرمنذ فترة قرر الرئيسان أن يتم تعليم كل من اللغة الفرنسية واللغة الإنجليزية فى كلا البلدين كعلامة على حسن الجوار ، وإنهاء لتاريخ طويل جدا من العلاقات المتوترة بينهما .
وقد أدهشنا ذات يوم قرار فرنسا بعدم استخدام أى لغة أجنبية فى مؤتمراتها العلمية ، والاقتصار على اللغة الفرنسية وحدها ، وهو الأمر الذى ضايق كثيرا من العلماء الذين لا يجيدون سوى الحديث بلغات بلادهم الأصلية . وأذكر أننى عندما كنت أدرس فى فرنسا خلال الثمانينيات، كنت ألاحظ أن المرأة أو الرجل الفرنسى لا يجيب عليك إذا طرحت عليه سؤالا أو استفسارا باللغة الإنجليزية ، بينما يسمح لك أن تتلعثم بالفرنسية لكى يجيب عليك بها .
وفى روسيا ، وريثة الترسانة النووية الهائلة فى الاتحاد السوفيتى السابق ، طالب نواب البرلمان فى اجتماع حديث جدا عدم استعمال الكلمات الدخيلة على لغة البلاد ، وذلك من خلال قانون لغة الحكومة الفيدرالية الروسية . وتبنى النواب مشروع هذا القانون اللغوى بعدما تمت قراءته لثلاث مرات ، ومن أهم بنوده منع استخدام الكلمات الدخيلة التى لها مرادف فى اللغة الروسية . وحدد القانون على كل من يستعمل هذه الكلمات غرامة مالية ، وفترة سجن تتراوح بين 15 يوما وشهرين . تصور !! كما منع القانون أيضا استعمال الكلمات المسيئة للأعراف والأجناس والطبقات الاجتماعية والمعتقدات الدينية والسياسية
ماذا يعنى هذا ؟ أن المجتمعات تزداد تمسكا بلغاتها ، وأن أسطورة العولمة الحديثة سوف تزيد من الشعور بالقوميات على عكس ما قيل إنها تلغيها . ثم يبقى أمر هام جدا ، وهو أن لغة الإنسان هى عنوانه ، تماما كما يعتبر ملبسه ومظهره دليلا على شخصيته . بل إن اللغة هى الأكثر تعبيرا عن شخصية أى إنسان ، وبها يمكنه أن يترقى فى السلم الاجتماعى ، وينجح فى حياته العملية . فالتاجر الشاطر هو الذى يقنعك من خلال لغته بشراء السلعة ، والسياسى الناجح هو الذى يحدث الجماهير فتثق فى كلامه ، والمدرس المتميز هو الذى يشد التلاميذ بحسن بيانه ، والمحامى البارع هو الذى يقنع المحكمة بروعة دفاعه ، بل أن صاحب الحاجة إذا أجاد عرضها أمكنه أن يحققها لدى المسئولين . ولعلنا نذكر الفلاح الفصيح فى مصر القديمة الذى وصلت شكواه إلى الفرعون نفسه ، بسبب ما احتوت عليه من فصاحة وبلاغة
فهل يمكن بعد ذلك كله أن نعيد الاعتبار إلى لغتنا العربية ، بدءا من اعتزازنا بها ، وانتهاء بحسن استخدامنا لها . أرجو ألا يتأخر ذلك كثيرا .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy