عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
الجبل صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الخميس, 15 أغسطس 2019 16:49

الجبل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يستمد الجبل هيبته من عدة عناصر ، أهمها ثباته وارتفاعه وضخامته . أما صخوره فهى مثل الأظافر التى تخدش من يحاول الاقتراب منه . وعلى الرغم من أن الرياح العاصفة تجتاح فى طريقها كل شئ ، إلا أنها لا تستطيع أن تنال من صلابة الجبل ، فهى تصطدم به ، ولا تلبث أن تنكسر على صدره ، وكذلك الأمواج التى تفتت الشاطئ ، لا يمكن أن تنال من جسد الجبل ، الذى يتلقاها فى حالة عنفوانها فيكسر حدتها ، ويجعلها تتناثر قطرات من حوله .
الجبل شامخ دائما ، سواء عندما يتجاور مع البحر ، أو يلامس الصحراء . ولأنه يمتنع على الجميع ، فلا يلجأ للسكن فيه إلا الحيوانات أو الطيور التى تأنف من أن يمسك بها أحد ، والتى من طبعها النفور من المخلوقات الأخرى . يعيش على جوانبه الماعز الجبلى ، وتتخذ النسور فى قممه أعشاشها ، وأحيانا تنمو على حوافه بعض الأشجار التى يرويها ماء المطر ، النازل مباشرة من السحاب .
ما الحكمة من وجود الجبل ؟ يخبرنا القرآن الكريم بأنه من الرواسى التى وضعها الله فى الأرض لكى لا ( تميد ) بأهلها ، أى تتحرك وتهتز كما يحدث فى لحظات الزلازل ! فالجبال إذن هى الأوتاد التى تتماسك بها الأرض ، حتى تصلح عليها حياة البشر . وبالتالى فهى تستحق عندما نراها أو نمر إلى جوارها أو نطير فوقها أن نشكر الله تعالى على ما أنعم به على أهل الأرض .
لكن الإنسان منذ قديم الزمان لم يترك الجبل فى حاله . فقد حاول سكناه ، كما فعلت ثمود ، أو نقب فيه أنفاقا كما فعلت كل بلاد أوربا تقريبا : أنفاق يصل بعضها إلى أكثر من عشرة كيلومترات ، وهى مسفلتة ومضاءة من الداخل وتعبرها السيارات بسرعة وسلاسة . وعندما كنت أعبرها أقول لنفسى : ماذا لو غضب الجبل فأطبق علينا ونحن تحت جسده الهائل ، وفى قبضته الصخرية ؟
بعض الجبال طيبة القلب ، فهو يسمح للإنسان بأن يتسلقها ، وينقب فيها ويصنع التماثيل ، أو يستخرج من مناجمه المعادن . لكن بعضها الآخر غضوب ، يتفجر داخله بالنار ، وتقذف أضلاعه بالحمم ، فيملأ الجو بغبار لا يصلح للتنفس ، بل إنه يقتل كل مظاهر الحياة . وهكذا يحاول الجبل أن يذكرنا دائما بالوجه الغاضب حتى لا ننسى وجهه الوديع .
تتفاوت الجبال فى الحجم ، والمساحة ، والارتفاع ، كما تختلف ألوانها بين الأبيض والأحمر والأسود . لكنها جميعا ترجع فى التاريخ إلى نشأة الأرض ذاتها . ومن الواضح أنها سوف تنتهى بنهايتها . وقد أخبرنا الله تعالى ، خالق الأرض والسماء ، أنها ستكون زلزلة كبرى تخرج فيها الأرض أثقالها ، وعندئذ ( تميد ) الجبال التى كانت تمسكها ، فينهار كل شئ ويبدأ خلق جديد ، كما يقول القرآن الكريم : " كما بدأنا أول خلق نعيده " .
عندما تجرأ موسى عليه السلام فطلب من الله تعالى أن يراه بالعين المجردة ، قال له : " لن ترانى ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف ترانى فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا " . وتلك دلالة أخرى على أن خالق الجبل ، هو وحده ، الذى يمسكه ، وهو القادر أيضا على أن ينسفه نسفا . وعند انتهاء الدنيا ، سوف تتحول الجبال الضخمة الراسخة : مثل نديف الثلج المتطاير فى الجو !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy