|
كتبها Administrator
|
|
الخميس, 15 أغسطس 2019 16:33 |
|
المرأة والرجل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لاشك أن تاريخا طويلا يمكن تسجيله حول علاقة الرجل والمرأة ، وهو يمتلئ بالكثير من صور الظلم والإهانة والإهمال ، كما يحتوى على جانب كبير من مظاهر الحب والتكريم والإعزاز . وفى كل الأحوال كانت تصاغ قوانين ، وتطبق أحكام من أجل تنظيم هذه العلاقة ، والحفاظ على استمرارها ، لأن المجتمعات كلها أدركت أن هذا الاستمرار يعنى استقرار المجتمع ، وتواصل أجياله .
ومن الواضح أن المرأة المصرية كانت أسبق من غيرها على مستوى البلاد العربية فى الوعى بحقوقها ، والمطالبة بها ابتداء من القرن العشرين ، الأمر الذى أدى إلى حصولها على حقوق لم تتوافر لها من قبل ، وفى مقدمتها حق التعليم وحق العمل ، كما كان لذلك أثره البالغ فى إعطاء نفس الحقوق فيما بعد لأخواتها فى سائر البلاد العربية .
ومن الملاحظ أن عنصر الزمن يقوم بدور هام فى حصول المرأة على حقوقها . أذكر أن أحمد لطفى السيد ، أول رئيس لجامعة القاهرة نجح بصعوبة فى العشرينات فى إتاحة فرصة التعليم بالجامعة لعدد من الفتيات وسط معارضة شديدة من باقى أعضاء مجلس الجامعة حينئذ ، بينما دخلت المرأة إلى الوزارة فى الخمسينات دون أى معارضة تذكر ، اللهم إلا مع بعض الدهشة والاستغراب ، وتوقع الفشل الذى لم يحدث .
وفى الفترة الأخيرة أصبح للمرأة العديد من الحقوق ، وخاصة فى مجال الحياة الزوجية ، وهو المجال الذى كان المجتمع المصرى ينظر إليه على أنه من المحرمات ، التى لا ينبغى المساس بها ، وذلك على الرغم من وجود الكثير من الثغرات التى كانت موجودة فيه ، ومن أبرزها ( بيت الطاعة ) الذى لا سند له من الدين ، وإنما جاء نتيجة تراكمات شعبية ، وغريبة عن المجتمع المصرى . فالقرآن الكريم يقول عن العلاقة الزوجية بكل وضوح " (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان )" أى أن الزواج إما أن يستمر فى إطار المعروف ، والعلاقة الطيبة بين الزوجين ، أو يتم الانفصال بالإحسان إلى الزوجة وعدم إيذائها أو إيقاع الضرر بها ، بل على العكس يمكن أن تأخذ أكثر من حقها ، وأن يكون الزوج المطلق كريما للغاية معها ، وهذا معنى الإحسان .
أما ( حق الخلع ) الذى حصلت عليه المرأة أخيرا ، والذى ثارت بشأنه زوبعة لا داعى لها ، فهو ثابت فى السنة النبوية ، ومتناسق تماما مع تعاليم الإسلام السمحة ، والعادلة . ومما لاشك فيه أنه يحدث توازنا معقولا مع حق الرجل فى الطلاق . وعموما فإن العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة سوف تظل محكومة بأعراف المجتمع النابعة من الأديان السماوية ، والتى ينبغى أن تتسم بالعدل والكرم من جانب الرجل ، وبالاحترام والعرفان من جانب المرأة .
إن حياة الرجل دون المرأة لا معنى لها . وقد أجريت فى عاصمة كولومبيا مؤخرا تجربة أن يلزم الرجال بيوتهم طوال ليلة واحدة ، بينما تقوم النساء بأعمالهم . وكانت النتيجة أن الرجال أحسوا بالكثير من الوحشة ، بينما قال النساء إنهن قضين الليلة فى سلام . وفى رأيى أنهن كالعادة لم يفصحن عما شعرن به بصراحة . فكل من الرجل والمرأة محتاج إلى الآخر . ولا تستقيِشم الحياة الاجتماعية إلا بهما معا .. فالمرأة قادرة على إنتاج السعادة ، التى تغمر حياة الرجل ، والرجل مؤهل لتقديم العون والحماية اللتين تحتاجهما المرأة . وكل من الرجل والمرأة يعتبران المظلة التى يتربى تحتها الأطفال .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 |
