عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
صندوق الذكريات صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الجمعة, 02 أغسطس 2019 15:31

 

صندوق الذكريات


 

هو ذلك الصندوق العتيق

المصنوع من خشب السنديان

وله مفصلات من حديد علاها الصدأ

وعليه قفل كبير من نحاس

تحوّل لونه الأصلى إلى الرصاصى

وهو موضوع أسفل جدار قديم

من جدران الصدر ،

فى أقرب مكان للقلب ..

* *

وحين تضغط علينا قسوة الحياة

بمشاغلها اليومية

ولا نجد من أصدقائنا

من نفضفض إليه بمواجعنا

نمشى إلى ذلك الصندوق

بكل الرهبة والخشوع

وننفض من فوقه الغبار

ثم نفتحه بهدوء شديد

ونخرج ما به من صور وأوراق :

الصور لأحبابنا الذين رحلوا

إما إلى بلاد بعيدة ،

أو عن الدنيا كلها

وهى لا تظهر ملامحهم بوضوح

لأنها التقطت

أيام كان التصوير بالأبيض والأسود

ولأنهم كانوا يجلسون مندهشين

ولا يكادون يبتسمون !

أما الأوراق

فهى خطابات وقصاصات

تآكلت أطرافها مع مرور الزمن

لكنها ما زالت تنبض ببعض الحياة

وهى تتحدث عن الشوق إلينا

والسعادة بقرب لقائنا

فى حين أن خطاباتنا نحن إليهم

لم تعد للأسف موجودة

وكيف توجد ..

وقد ذهبت إليهم فى أماكنهم البعيدة

واختفت باختفائهم ؟!

* *

فى الصندوق أيضا

بعض اللعب الصغيرة

من أيام الطفولة

وكل لعبة ما زالت تحمل ذكراها الخاصة بها

وتشير إلى لحظة نادرة

من لحظات السعادة الخاطفة

بعضها من البرونز

وبعضها الآخر من البلاستيك

والعجيب أنها لم تفقد بريقها

وظلت كما هى

وسط الأوراق المتهرئة

لكى تكون شاهدة

على أن أيام الطفولة

لم تكن كلها بائسة ،

ولا حزينة !

* *

أما ساعة اليد

التى توقفت تماما عن العمل

فأنا لا أنسى لحظة حصولى عليها

كان ذلك فى عهد الحب الأول

وقد بذلت جهودا مضنية

لكى أجعل أسرتى تشتريها لى

وما أن وضعتها فى معصمى

حتى أسرعت إلى بيت حبيبتى

التى أعجبتها كثيرا

وهنأتنى قائلة :

ـــ إنها فعلا ساعة جميلة .. مبروك !

* *

لكن أغلى ما فى الصندوق

هو خاتم الفضة

الذى اسود لونه من عدم الاستعمال

وعليه نقش للحرف الأول من اسمى

قدمته لى حبيبتى

عندما أهديتها سلسلة مفاتيح

وقد ظللت ألبسه لعدة سنوات

حتى بعد أن تزوجتْ

وأنجبتْ

وافترقت بنا الدروب

ولم أخلعه من اصبعى

إلا حين اقترب موعد زواجى ..

* *

من بين أوراق الصندوق

خطاب تعيينى فى الحكومة

وشهادة تأدية الخدمة العسكرية

وخطاب الموافقة على بعثتى للخارج

وكارت بوستال من أحد أساتذتى

وتذكرة من ماكينة ميزان

تشير إلى أن وزنى سنة 1970

كان فى حدود سبعين كيلو !

* *

ليست هذه هى المرة الأولى .

ولا الثانية ، أو الثالثة ..

التى أفتح فيها صندوق ذكرياتى

بل لعلها المرة المائة

وكلما قلّبت محتوياته

كنت كمن يراها لأول مرة

وأكاد أؤكد أن الرحلة داخل الصندوق

تغسل القلب من همومه

وتزيح من فوقه الكثير من الإحباط.

واليأس ، وضيق النفس !

من هنا كان وما يزال حرصى على الصندوق

ليس فقط لأنه يضم جزءا عزيزا من الماضى

ولكن لأنه أيضا ..

يعتبر التلّة التى أصعد عليها

لكى أرى منها ما قد يأتى فى المستقبل ..


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy