عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
السنوات الأخيرة من العمر صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الجمعة, 02 أغسطس 2019 15:28

 

السنوات الأخيرة من العمر


 

فى السنوات الأخيرة من العمر

وقد أصبحت شبه وحيد

فقد توفى الكثير من أصدقائى

وكذلك من خصومى

لكننى حين أغفو لبعض اللحظات

حتى وأنا جالس أمام التلفزيون

أراهم فى أحلامى

وهى أحلام واضحة تماما

رغم أنها سريعة وخاطفة

وحين أصافحهم

وأنا مندهش لرؤيتهم

أجدهم يتعجبون من دهشتى

وبعضهم يقول لى معاتبا :

ـــ ألم تكن تتوقع

أن ترانا مرة أخرى ؟!

* *

فى السنوات الأخيرة من العمر

صرت أفضّل الوحدة

على مصاحبة الناس

فالوحدة تتيح لى

ما كنت أتمناه من السكينة

كما تجعلنى أغوص عميقا فى ذاتى

وأعيد النظر فى كل ما مرّ بى

من مواقف محزنة ، أو مضحكة ،

أو حتى محرجة !

فمثلا ما زلت أذكر

ذلك اليوم

الذى صحوت فيه من النوم متأخرا

وأسرعت بارتداء ملابسى

لكى لا يفوتنى موعد المدرسة

وبعد أن جلست فى الفصل

وجدت فرْدتىْ الجورب مختلفتين

واحدة زرقاء ، والأخرى حمراء ..

وكان علىّ أن أظل أخفيهما عن زملائى

حتى انتهى اليوم الدراسى

وأسرعت بالعودة ألى البيت !

* *

أما المرة التى رسبت فيها

فكانت نتيجة حتمية لإهمالى

كنت أبغض مادة الرياضيات

الحساب والجبر والهندسة

وبالطبع لم أحاول أن أفهمها

كما لم أذاكرها

وفى ساعة الامتحان

لم أستطع إجابة أى سؤال

وراحت دموعى تنثال فى صمت

وحين لاحظ المراقب ذلك

اقترب منى وحاول تشجيعى

لكننى تأسفت له

ونهضت واقفا

وسلمته ورقة الإجابة بيضاء

كما تسلمتها ..

أما الذى حدث بعد ذلك

فهو أن زملائى الأكبر سنا

هم الذين ساعدونى على فهم المقرر

أثناء الوقت المستقطع من اللعب

حتى تغير الوضع فى الدور الثانى

وعبرت الرياضيات إلى غير رجعة !

* *

وحين أتساءل اليوم

ـــ لماذا فشلت فى الحب مرتين ؟

أدرك أننى لم أحب

إلا أجمل الفتيات

وهؤلاء كنّ مطلوبات بشدة

للزواج المبكّر

فى حين أننى لم أكن مستعدا له

ولهذا كنت أشاهدهنّ يرحلن

الواحدة تلو الأخرى

وأنا واقف فوق رصيف القطار

أتحسر على فقدهن !

* *

وقد دفعنى العمل

إلى المثابرة وحب التحدى

ولهذا كنت أبذل فيه الكثير من الجهد

وكلما ارتقيت درجة

وجدت ما فوقها أفضل منها

وهكذا صعدت

حتى وجدتنى أخيرا

فوق قمة باردة

تصفر حولها الريح

وتكاد تخلو من الصحبة الحميمة

وتمتلئ بأهل المصالح والأطماع ..

عندئذ أدركت أن بعض النجاح

يشبه فى لحظة منه

بعض الفشل !

* *

فى السنوات الأخيرة من العمر

يطيب للإنسان أن يقلّب صفحات الصداقة

والواقع أنها كانت تيعث فى نفسى

الكثير من السعادة

سعادة المودة ، والمشاركة ،

والتضحية فى أسمى معانيها

لكن أقسى ما كان يؤلمنى

نكران الأصدقاء الذين كنت أحسبهم

أصفياء !

ورغم ذلك ،

ومع مرور الوقت

صرت أسامحهم

وأتجاوز عن إساءاتهم

وأقيم لكل منهم عذرا ..

* *

وفى طفواتى

أحببت القطط كثيرا

والسر فى ذلك

هو جمال عيونها الذى كان يأسرنى

وكذلك اطمئنانها لى

ونومها فى حجرى

وكانت أسرتى تستاء من ذلك

لهذا عندما كبرت

اقتنيت قطة بيضاء

ذات عيون ساحرة

وظلت عندى لفترة طويلة

حتى تعبت من رعايتها

فأهديتها لمن يحبها ويرعاها

وأحيانا أأقول لنفسى معاتبا :

ــ ألم أفعل معها

مثلما فعل بعض الأصدقاء معى ؟!

* *

فى السنوات الأخيرة من العمر

تتوالى الأمراض

وتتعدد الأدوية

وتطول فترات الشفاء

ويظن معظم الناس

أن الوضع سيعود كما كان ..

ولكن هيهات !

كل جزء يصاب من الإنسان

لا يرجع أبدا لحاله .

ومما يدهشنى

أن أشاهد كبار السن فى النادى

يمارسون بعض الرياضات

أملا فى استرجاع صحتهم الآفلة

لذلك لا يفاجئنى على الإطلاق

نبأ وفاة أحدهم

ممن لم يدرك جيدا

أن العمر قبل الرحيل

مقسّم إلى ثلاث مراحل

ثلاث مراحل فقط

الطفولة ، والشباب ، والشيخوخة .

* *

فى ركن مهجور من الصدر

توجد حكايات

عن بعض الفرص الضائعة

أو هكذا كنت أحسبها حينئذ

وعندما تجاوزتها بسنوات

وجدت أنها لم تكن فرصا

ولم تكن ضائعة ..

فقد كانت مجرد أوهام

لمكاسب عابرة

ولو أنها تحقّقت بالفعل

لما كان لها أثر فى واقعى

ولا فى مستقبلى ..

لذلك أنظر إليها الآن

دون أن أشعر

بأى حسرة على مرورها

* *

وهناك داخل بئر مردوم

فى الجانب المقابل لهذا الركن

دفنت بكامل إرادتى

عدة مشاعر زائفة

أهمها النفاق والكبر واللامبالاة

والأهم .. أننى لم أتطهّر منها فقط

بل قاطعت كل من يمارسها

أو يتصف بها

وبالطبع كنت أفقد صداقتهم

لكننى كنت أسعد كثيرا

عندما أراهم يتساقطون

واحدا بعد الآخر

ويعانون من الرفض ،

والتشفّى ، والازدراء !

* *

فى السنوات الأخيرة من العمر

ورغم ضعف البصر

تبدو الأمور أوضح

والحقائق أنصع

ويكاد الإنسان يرى فى الظلام

تماما كما يرى فى النور ..

ولعل هذا ما يجعل ألآخرين

يتجنبون النظر مباشرة فى عينيه !

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy