عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
الشجرة وعصافيرها صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الجمعة, 02 أغسطس 2019 14:00

 

الشجرة وعصافيرها


 

كانت شقتى تطل من الخلف

على فيلا من الطراز القديم

وأمامها فناء واسع

تتوسطه شجرة معمّرة

كان يقال إنها ترجع لأكثر من مائة عام

المهم أن أوراقها الخضراء لم تكن تجف ،

طوال الفصول الأربعة

وكان يسكن فى هذه الشجرة

حشد هائل من العصافير

التى تظل تزقزق على مدى ساعة كاملة ،

فى الصباح الباكر.

وأذكر أن أصواتها الزاعقة

كانت تزعجنى جداً

وتقلق راحتى تماماً

فى ذلك الوقت الذى يسبق نهوضى من السرير

واستعدادى للذهاب إلى العمل .

* *

لكننى من مرور الوقت

الذى يَضطرنا فى العادة إلى التأقلم

صرت أتحمل أصوات تلك العصافير

بل إننى رحت أحاول

أن أجد فى أصواتها المتناثرة والمتضادة

خيطا من الانسجام والوحدة

وقد لاحظت أنها لا تبدأ عزفها مرة واحدة

وإنما بصوت واحد أو اثنين

ثم تتبعها باقى الأصوات الأخرى

حتى تكتمل الجوقة كلها فى لحن متكامل .

* *

وبعد مرور حوالى الساعة

تنطلق هذه الفرقة المغردة

فى رحلتها الصباحية

لتلتقط رزقها من حقول الجيزة

المحيطة بنهر النيل

ثم لا تعود إلا مع غروب الشمس

حيث تسكن تماماً داخل الشجرة

ولا يصدر منها أى صوت طوال الليل ..

* * *

صارت معزوفة العصافير الصباحية

جزءاً لا يتجزأ من نظام حياتى اليومية

أتابعها برضا

وأصحو على أصواتها بنشاط

وأسكن معها فى الليل بهدوء كامل

ومن الغريب أننى لم أكن أتبين أجسامها

بين الأغصان أبداً

فهى تسكنها ، لكنها لا تظهر نفسها منها

فقط : أصواتها الطويلة والقصيرة والمتقطعة

هى التى أسمعها ..

* *

وذات يوم

فاجأنى القدر بما لم يكن فى الحسبان

أصوات عمال تتنادى

وزمجرة بلدوزارات تعلو وتهبط

وسألت .. فعلمت

أن أصحاب الفيلا المجاورة قد باعوها

وأن المشترى سيبنى مكانها برجا سكنيا

وبالطبع كان عليهم أن يزيلوا الشجرة العتيقة

وقفت فى نافذتى مشدوها

وكان أهم ما فكرت فيه

هو حال تلك العصافير

حين تعود مع غروب الشمس

فلا تجد شجرتها التى توالدت ،

وتكاثرت ،

وعاشت كل حياتها فيها !

* *

راح البرج السكنى يعلو ويعلو ..

حتى حجب عن نافذتى الصغيرة

كلا من السماء والشمس والقمر

وقد انعكس ذلك على حالتى النفسية

فصرت أكثر كآبة

واضطربت مواعيد نومى ويقظتى

وران الكسل والخمول على حركتى

وفى أحد الأيام

فوجئت بعصفور يحط على حافة النافذة

فرحت به كثيراً

وأسرعت نحوه مرحبا

لكنه أسرع بالطيران

ألقيت نفسى على أقرب مقعد

ورحت أتساءل :

ماذا كان يفعل ؟

ولماذا جاء ؟

وأين باقى إخوته ؟

هل وجدوا شجرة أخرى ؟

أم أنهم تفرقوا فى أشجار مختلفة ؟

وهل مازالوا يزقزقون ؟

أم أنهم سكتوا عن العزف ؟

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy