|
وجه من الماضي ..
أيها الوجه الذي أشرق في الليل على قلبي الحزين
ذات يوم منذ آلاف السنين
ثم ولَّى من طريقي .. مثلما تعبر في الأفق سحابه
وتولَّيت بدوري للصحاري اليابسهْ
والصخور الصلد، والأرض العراء
كلما أرهقني الخطو تلفَّت ورائي
علَّني ألمح خيطًا من محياك الوضيء
ليس إلا قِطَعُ الليل على كل الدروب الضيقهْ
والوجوه المرهقه
* *
ظمئتْ كل عروقي
فتحاملتُ إلى النهر الوحيدْ
يابس الأعماق، مشقوق اللسان
قدمي تغرس في الطين خطاها الذابله
ويدي تمسك أوراق الغصون المائله
وخيالي يملأ النهر ظلالًا، ودوائرْ
عندما أسقطتُ في الماء فمي
لم أذقْ غير دمي !
* *
أي شيء يدفع القلب لكن يبكي أمام الآخرين
ويعرّي خلجات .. لم تكن لولا بكاهُ تستبين
أهو اليأس من الصمت،
أم الخوف من الموت،
أم الصبر الذي يذوى .. على مر السنين
. .
كلما أرجع لي الصوتُ صداه
صنعتُ دمعي عن ثرى الحزن،
وأخرستُ الشفاه
* *
ليتنا نمسك بالماضي، كما نمسك بالماء،
وليت الذكرياتْ
تتأنَّى في خطاها المتباعدْ
إنها تطرق باب القلب في الليل، وتمضي ..
تاركات في فراغ الصدر أشلاء غناء وبكاء ..
وعلى القبر شواهدْ
تتخفَّى من عليها الأحرف الأولى،
وتاريخ الوفاه
ومع الليل الذي يسقطُ،
والريح التي تصفرُ،
والعمر الذي يمضي هباءْ!
تتباعدْ ..
تتباعَدْ ..
* *
أيها الوجه الذي أشرق في الليل على قلبي الحزين
ذات يوم منذ آلاف السنين
مرةً أخرى ألاقيك، فيحيا أملي
ويغيب القلب في رؤيا محيَّاك الوضيء
غارقًا في النور،
لا أسمع وقع الزمن الهادر حولي
لا .. ولا نَوْح المكان الموحلِ!!
ـــــــــــــــــــــــــــــ
 |
