|
في ليلها نغني..
يأتي الصباحُ، فلا أريدْ
يأتي المساءُ، فلا أريدْ
سأمانَ من صدأ الحديد
يلتفّ حول يديكِ في شرهٍ عنيدْ
ويشقّ في قدميك أغوارًا من الدمِ والصديدْ
وتحدقين إلى بعيدْ
مملوءة عيناك بالذكرى ..
وأَنَّى نشعل الذكرى شظايا بالنارِ ..
في هذا الجليدْ!
* *
يا مصرُ .. صدرُك يحترقْ
ودموعُك البيضاء تهدر في الضفافْ
وتكفنين مع الأرقْ
أحلامَك اللاتي قَضَيْنَ .. بلا زفافْ
* *
وتدور تصفعك الرياحُ، وأنت وحدك في العراءْ
مهدودةً تتوكئين على عصًا من كبرياءْ
وتساءلين الأفق عن أبنائك الغرباءْ
رحلوا ..
فما سُمعتْ لوقع خطاهمو .. أصداءْ
وتأخرت عنا رسائلهم .. سنينْ
وتزوجت فتياتهم من آخرينْ!
* *
يا مصر ..
يا نيلًا، وسنبلة، وفلاحًا يذوِّبُ في هوى عينيك عُمْرَهْ
يا بَحَّة تنساب في موَالِ راعٍ.. عاش يغزل فيك شعرَهْ
يا نخلةً، وحقولَ برسيم، ورابيةً، وزهرهْ
ما لليَّالي السُّودِ قد سقطت عليكِ،
وصار طعمُ النيل مُرّا!
والسنبلات تقصَّفتْ،
أغضى النخيلُ من الأسى،
سكت الغناءْ
ووقفتِ وحدَكِ تنظرينْ
أين الذين تعشَّقوكِ،
وأين حزنُ العاشقين؟
* *
يا مصر
يا نعْمًا تمزق في شفاه المنشدين
هذي شوارعك الطوال تغضّ بالمتنزهينْ
هذي مقاهيك القديمةُ تجمع المتثائبينْ
هذي مساجدك العريقةُ ترسل الدعواتِ .. دينْ!
هذا ضجيج الشاربينّ،
وذا غطيطُ النائمينْ!
ــــــــــــــــــــــــــ
 |
