المنظار الأسود

أغنياتُ الهَزار والعندليبِ
هَجْنَ فى القلب ثورة من لهيبِ
وأَثَرْنَ اضطرام ذكرى ، تربَّت
فى فضاء من الفؤاد رحيب
كان بالأمس روضةً للتغنِّى
وغداً اليوم مأتماً للنحيب
كلما فجّر الدموعَ ثراهُ ..
صُغْنَ فى الصدر غابة من ندوب
تتلاقى غصونُها فى اشتباك
غسقىّ .. على غراب كئيب
قام فى عشه القديم يغنى
غنوة اليأس والأسى والمشيب
وانطفاء النهار فى قبضة الليل ،

وجرح الكسير ، والمغلوب
ويرى الكون .. لا يرى فيه إلا

لوحة الجدب ، أو ظلال الشحوب

ويحسّ النسيم .. لكنْ بخدِّ
مزّق الشوكُ من رداه القشيب
* *

ويلوم الذى تجاهل ما بى : "لِمَ تشدو بمزهرٍ مشبوب
"فيه تسرى اللحونُ موّارةَ الحزن ، وتخبو عواطف التشبيب"
"أين عُرسُ الحياة، أو بهجة الكون، وأين الهوى، وسحر القلوب"
" كل حىٍّ تبسمت شفتاه
ومحيَّاك دائم التقطيب"
" كل حىٍّ يقول للصبح : مَرْحَى
وأرى فيك لهفة للغروب !"
" كل حى يعانق الفَرْح إلا أنت يا ابن العذاب والتعذيب ! "

* *

قالها .. ثم غاب فى زحمة الناس ، وولى إلى ضجيج الدروبِ
تاركاً فى الضلوع إصرارها المرّ يدوى بأنةٍ ووجيبِ
" كيف يعطى الوجود عنقود خمرٍ
من سقى الدهرُ كَرْمَه بالخطوب "
" كيف يهتز للربيع ضريرٌ
فوق عينيه عصْبةٌ من كروب "
" كيف ينساب للرياض غدير
غاض فى ظمأة التراب الجديب "
" كيف يا ابن الحياة ، يا عاشق النور ، أجبنى .

فما هنا مجيب ؟ !"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التعليقات (0)

الإسم

التعليق

تصغير | تكبير

أضف تعليق