عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
باريس بعد ثلاثين عاما صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الجمعة, 08 فبراير 2019 18:24

باريس بعد ثلاثين عاما


مع مطلع الثمانينيات
أتاحت لى الظروف ،
بتراتيب القدر طبعا ،
أن أسافر إلى فرنسا
فى بعثة دراسية للدكتوراه
بجامعة السوربون
وقد قضيت فى باريس وحدها
ما يقرب من سبع سنوات متواصلة
كانت موزّعة بين :
الاطلاع على موضوع رسالتى فى الفلسفة ومناهج البحث ،
ومتابعة هوايتى الأثيرة فى الأدب والشعر ..
وكان ما يهمنى أكثر
هى محاولة التعرف المباشر
على مظاهر وأسباب التقدم فى الغرب ،
ومقارنة ذلك بما حدث للشرق
من تراجع وتخلف ..
ـــــــــــــــــ
أما مشاهداتى فى باريس نفسها
فلم تقتصر على الجامعات والمكتبات ومراكز البحوث
وإنما امتدت لتشمل المبانى والشوارع والأسواق ،
بالإضافة إالى المتاحف والمسارح والمتنزهات ..
والأهم من ذلك كله
رؤية الناس وهم يندفعون بكل همة ونشاط إلى أعمالهم ،
أو وهم يتجولون بكل استمتاع فى أوقات فراغهم ..
وكان أصعب ما مررت به
هى محاولة استيعاب لهجة أهل باريس
السريعة الطلقات والمليئة بالاختصارات
والمصطلحات التى لا تكاد توجد فى قاموس!
لكن بمرور الوقت ، والإصرار على الاستيعاب
انحلّت عقدة اللغة الفرنسية (الأ صعب من العربية)
وعندئذ فقط ..انكشفت باريس بكل جمالها ، وبهائها ،
وروعتها ، وتاريخها ..
ـــــــــــــــ
وكان من أحب المناظر إلى نفسى
ما كنت أتابعه بشغف ودهشة
وأنا جالس على مقعد رخامى نظيف
بحديقة لوكسمبور، القريبة من جامعة السوربون ،
وبعض كبار السن من النساء والرجال
يطعمون الحمام بالخبز الذين يشترونه
خصيصا لهذا الغرض !
بل إن هناك من كان يستخدم صفارة خاصة
تحاكى أصوات العصافير تماما
ويضع فى كفّه بعض الحبوب
ولأول مرة فى حياتى .. 
أرى العصافير ، التى عهدتها متوجسة دائما ،
تهبط على رأس الرجل ، وكتفيه ،
وتلتقط الحب بكل امتنان من كفه !
ـــــــــــــــــ
وفى الشوارع الواسعة
التى ترتفع على جانبيها الأشجار الباسقة
كنت أتابع رجلا وامرأة سائحيْن فى حوالى الستين
وهما متشابكا الأيدى
ثم يتوقفان فجأة أمام أحد الفنادق
ويطيلان النظر إلى بعض طوابقه
وكأنهما يسترجعان ذكرياتهما القديمة ..
أما أنا الآن ، وبعد مرور أكثر من ثلاثين سنة ،
فقد رحت أمشى طويلا فى شوارع باريس
التى سبق أن عبرتها مئات المرات
وأنا أحاول أن أسترجع ذكرياتى فيها
لكنها لم تكن واضحة ولا مؤنسة
لأننى كنت وحدى
بعد أن فقدت رفيقة عمرى !
ـــــــــــــــــــــــ

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy